بعد انقطاع دام 16 عاماً.. صندوق النقد يطرح خارطة طريق لإنعاش الاقتصاد السوري

اختتم وفد من خبراء صندوق النقد الدولي، برئاسة رون فان رودن، زيارة رسمية إلى العاصمة السورية دمشق، هي الأولى من نوعها منذ عام 2009، هدفت إلى تقييم الأوضاع الاقتصادية والمالية، ومناقشة أولويات السياسات العامة، وتعزيز القدرات المؤسسية بالتنسيق مع السلطات السورية.

وأكد رودن في البيان الختامي أن سوريا تواجه تحديات اقتصادية وإنسانية هائلة، نتيجة أكثر من عقد من الصراع، أدى إلى تدهور حاد في الناتج المحلي، وتراجع كبير في الدخل الحقيقي، وارتفاع مستويات الفقر، إضافة إلى ضعف في أداء المؤسسات العامة وتدهور الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والبنية التحتية.

أولويات عاجلة للسياسات الاقتصادية

وخلال الزيارة التي استمرت بين 1 و5 حزيران الجاري، ناقش الفريق الفني مع المسؤولين السوريين أولويات اقتصادية ملحة، في مقدمتها إعداد موازنة لبقية عام 2025، وتحديد الموارد المحلية والخارجية المتاحة، مع التركيز على تمويل الاحتياجات الأساسية مثل الرواتب والخدمات الصحية والتعليمية، ودعم الفئات الأكثر هشاشة.

كما تناولت النقاشات تحديث النظامين الضريبي والجمركي، وتعزيز كفاءة إدارات الضرائب والجمارك بوضعها تحت إشراف وزارة المالية، إلى جانب تطوير إدارة المالية العامة لتحسين تنفيذ الموازنة ومراقبتها.

وشدد الصندوق على ضرورة تمكين مصرف سوريا المركزي من ضبط التضخم واستعادة الثقة بالليرة السورية، من خلال تطوير إطار فعّال للسياسة النقدية، وإعادة تأهيل نظام المدفوعات والمصارف، وتعزيز إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تعزيز الاستثمار والبيانات الاقتصادية

واتفق الطرفان على أهمية إزالة المعوقات أمام نمو القطاع الخاص وفق آليات السوق، وتحسين بيئة الاستثمار، بالتوازي مع تطوير منظومة الإحصاءات الاقتصادية، لضمان جمع البيانات وتحليلها ونشرها بشكل مستقل عن الجهات الحكومية، بما يساهم في دعم صناع القرار وتقييم السياسات الاقتصادية.

كما حذّر فريق الصندوق من محدودية القدرات التمويلية والموارد الخارجية، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم دعم واسع النطاق لسوريا، سواء عبر تمويل ميسّر، أو برامج تهدف إلى بناء القدرات وتحديث الهياكل المؤسسية والتقنية.

ورغم التحديات الإدارية الناجمة عن الحرب والنزوح، أشاد الوفد الدولي بمستوى الالتزام والكفاءة الذي لمسه لدى موظفي وزارة المالية ومصرف سوريا المركزي في التعاطي مع القضايا الاقتصادية الراهنة.

خارطة طريق للتعافي

وفي ختام الزيارة، شدد وفد صندوق النقد الدولي على التزامه بدعم سوريا في مسار التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى التوصل إلى خارطة طريق مفصلة تحدد أولويات السياسات الاقتصادية ومجالات بناء القدرات داخل مؤسسات رئيسية، منها وزارة المالية، ومصرف سوريا المركزي، ودائرة الإحصاء، وذلك بالتعاون مع شركاء التنمية، مع الأخذ في الاعتبار محدودية القدرة الاستيعابية للمؤسسات المحلية.

وشملت الزيارة لقاءات رفيعة المستوى مع وزير المالية يسر برنية، ومحافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر حسريه، إضافة إلى مسؤولين حكوميين وممثلين عن القطاع المصرفي والخاص.

إقرأ ايضاً: صندوق النقد الدولي يحدد أولويات للإصلاح الاقتصادي في سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.