داما بوست-منهل إبراهيم| بأي حال عدت على غزة ياعيد، بأي حال وبأي وجه سعيد ستواجه أطفال فلسطين ورجالها ونسائها وشيوخها، بأي حال سيهل هلالك على الشهداء والجرحى والمحرومين والثكالى، وبأي وجه ستبتسم وأنت السعيد، وأنت الفطر بلا إفطار يحضر على موائد الجياع في القطاع، عدت ياعيد ورائحة الموت والقهر والجوع تملأ الزوايا في غزة، وترفع الصوت عيد سعيد برغم الموت، وفطر مبارك برغم خناجر الاحتلال.
غزة هائمة على وجهها، لكنها تعرف الطريق، تحرسها بنادق المقاومة وأعين الأحرار، والحرب الإسرائيلية المدمرة مستمرة على القطاع الجريح، وتفاقم الأوضاع الإنسانية وتأزم الأحوال الاقتصادية، يجعل أهل فلسطين يعجزون عن تأمين مستلزمات العيد، وسط دمار شامل ورائحة الموت والجوع تفوح في الأرجاء.
شهر رمضان رحل والعيد أقبل وأعين الأطفال تترقب ألوان العيد والفرح ، فالأطفال برغم الكارثة لا يعرفون لغة الحرب مثل الكبار ويتقنون لغة العيد بما يحمله من فرح، ولكن أهلهم في منأى عن العيد يعانون ظروفاً معيشية صعبة وشبه انعدام للحياة، مع دخول الحرب الإسرائيلية شهرها السابع، مع نزوح ما يقرب من مليوني فلسطيني من منازلهم ومناطقهم السكنية إلى مناطق أخرى نتيجة للقصف الإسرائيلي العنيف، وذلك في بحث مستمر عن الأمان المفقود.
ويعيش فلسطينيو قطاع غزة البالغ تعدادهم نحو 2.3 مليون أزمتي الجوع والعطش، وسط بيوت لا تصلح للسكن وفقدان أحباب، وأصحاب، وشموع فرح صغيرة، وبدون علاج وانعدام الأمان، وتضررت أسواق القطاع بفعل القصف الإسرائيلي خلال الحرب، وتداعيات الحصار ونقص البضائع الجديدة في المحلات التجارية.
يود العيد لو يقدم للغزاوين الفرح مجاناً لكنه مكبل اليدين، والقدرة الشرائية للمواطنين والنازحين انخفضت بشكل كبير جداً نتيجة لظروف الحرب وتداعياتها الاقتصادية، والأولوية لدى المواطنين في عمليات الشراء تتركز على الطعام والشراب، خاصة في وقت لا يملكون فيه القدرة على توفير المال لشراء الملابس.
العيد في غزة حزين، والمآذن تبكي على أحوال الناس، والمواطنون في القطاع محرومون، لا يمكنهم التسوق رغم اقتراب عيد الفطر السعيد بسبب عدم توفر أي قدرة شرائية لديهم، فموسم العيد ضائع، وسط زحمة القصف وروائح الباردود ودوي القذائف، ولن يكون هناك بيع وشراء بسبب الحرب التي فرضها الطرح الهجين على الأهالي.
أطفال غزة يتجولون في شوارع الموت وعلى موائد فارغة ويقولون “اعتدنا في كل موسم عيد على شراء الملابس والأحذية والحلويات والزينة، لكن هذا العيد لم نجد فيه أي شيء”، فالحرب الإسرائيلية حرمت سكان قطاع غزة فرحة العيد وسرقت متعة الاستعداد لاستقباله.
بأي حال عدت ياعيد، فالعيد للأطفال، ولا عيد مع إطلاق النار والصواريخ، وفي أيام العيد الذي يمر بغزة لن يتمكن الأطفال من اللعب واللهو، على غرار باقي أطفال العالم، ففي البلاد من يقتل الفرح ويذبح الأعياد.