داما بوست – صحف| أكد تقرير أمريكي أن حرب “إسرائيل” على غزة تضع العالم أمام تحد غير مسبوق بشأن علاقة الحكومات بالقانون الدولي، والتزاماتها تجاه المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب تقرير الكاتب رمزي بارود في موقع “كاونتر بانش” الأميركي، فإن الأمم المتحدة من المفترض أنها تأسست عام 1945 للحفاظ على درجة من الإجماع الدولي، لكن كان واضحاً منذ البداية أنها لا تعكس رغبات كل الناس، بل على العكس نُظمت استناداً إلى نموذج السلطة الهرمي.
وأضاف: “ظهر المنتصرون في الحرب العالمية الثانية باعتبارهم الأسياد، ومنحوا أنفسهم حق النقض (الفيتو) والعضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، مشيراً إلى تعيين الأقنان بمقاعد أقل أهمية بكثير في الجمعية العامة.
ولفت بارود في تقريره، إلى أن الدول الصغرى عملت معاً لإنشاء هيئات سياسية بديلة، وإن كانت أصغر حجماً، داخل المؤسسات الأكبر، وحاولوا استغلال كل هامش لتمثيل حقوق أفقر دول العالم وأكثرها اضطهاداً، وذلك من أجل “البقاء على قيد الحياة” في ظل انعدام المساواة بالنظام الدولي الجديد.
كما شدد الكاتب على أن الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون صاغوا على مر السنين نسختهم الخاصة من “الشرعية” في الطريقة التي يفسرون بها القانون الدولي، والطريقة التي يستخدمون بها حق النقض ضد قرارات الأمم المتحدة كلما كان ذلك لا يخدم مصالحهم.
وخلال الحقبة السوفياتية بدت الأمم المتحدة ومؤسساتها ذات الصلة، متوازنة ولو شكليا، حيث كان العالم منقسماً بين الشرق والغرب، ما أعطى حركة عدم الانحياز وغيرها من المنظمات والتحالفات التي تتخذ من الجنوب العالمي في أغلبها مقراً لها قيمة سياسية معقولة، بحسب بارود.
وتابع التقرير: “إن الأمور تغيرت لاحقاً، حيث انهارت الجبهة السوفياتية في أوائل التسعينيات، ما أدى إلى انهيار نموذج القوة الذي سمح لموسكو بالحفاظ على التوازن، ومن ناحية أخرى، ظهرت الصين بقوة في الصورة، وبدأ نفوذها يقوى مع مرور الوقت، وبالتالي اكتسبت شرعية من البلدان التي أصبحت تعتمد على المحرك الاقتصادي الصيني”.
لكن ما لم يتغير، هو استمرار الولايات المتحدة في الدفاع عن “إسرائيل”، وفقط قبل أيام، رفعت سفيرة الولايات المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، يدها للمرة الرابعة، في 20 فبراير/شباط الماضي، مستخدمة حق النقض مرة أخرى، رافضة بذلك الدعوة الجزائرية لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة، وفق التقرير.
ويؤكد الكاتب بارود أنه حتى في محكمة العدل الدولية، عندما دافع العالم أجمع عن الحرية الفلسطينية، عارضت الولايات المتحدة ذلك، ودافعت عن “إسرائيل”.
وأضاف: “من عجيب المفارقات أن الولايات المتحدة لجأت إلى هذه المؤسسات المختلفة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، التي ليست عضواً فيها، للتغطية على تصرفاتها”.
وأوضح رمزي بارود أنه سيكون لكل هذه الاختيارات عواقب، وسوف تثبت الأعوام المقبلة أن أزمة الشرعية الدولية، الناجمة عن إساءة استخدام السلطة، لن تصحح بتغييرات وإصلاحات سطحية، فقد أصبحت المشكلة حاليا أكثر عمقاً وخطورة، وبات الثمن باهظاً إلى الحد الذي لا يمكن تحمله.