داما بوست – مارينا منصور| يظن بعض الأشخاص أن الفوبيا من أشياء معينة هي تفكير مبالغ به، أو “حركات مياعة”، أو تصرفات للفت النظر، لكن إذا كان الموضوع كذلك، لماذا يغمى على بعض الأشخاص لدى رؤيتهم لنقطة دم؟ ولماذا يصاب آخرون بضيق تنفس من الأماكن المغلقة؟ ولماذا يختل توازن بعضهم لدى النظر من مكان مرتفع إلى الأسفل ويصابون بدوخة؟
إذاً هي حالة مرضية مثبتة علمياً وليست مجرد ادعاءات، وفي هذا المقال سنتعرف على خلفية هذا الموضوع.
خوف أم فوبيا؟
الخوف هو غريزة أساسية موجودة لدى البشر وبسببها يستمر الإنسان بالحياة لأنها تعطي إشارة بوجود الخطر، أما الفوبيا فهي رُهاب واضطراب نفسي، وتختلف عن الخوف، فالخوف له مبررات لحدوثه، لكن الفوبيا تهيؤ لأشياء قد لا تحدث.
يوجد أكثر من 500 نوع لها، كفوبيا الأماكن المغلقة، أو المرتفعات، أو صوت الماء والنفس وغيرها، وتختلف شدتها من شخص لآخر.
علامتان وتفسير
تدلنا هذه العلامات على وجود حالة مرضية لدى المصاب، وهي:
- تجنب الأشياء، كوجود خوف لدى المريض من السفر في الطائرة، لكن طبيعة عمله تتطلب ذلك، فيتطور الخوف لديه لدرجة التفكير بالاستقالة من وظيفته.
- تأثير الخوف الشديد على الإنسان، كالرهاب الاجتماعي، وهو الخوف من الناس والاختلاط، فإذا أثر عليه بشكل سلبي وأدى لابتعاده عن الناس وانعزاله وتأثر حياته اليومية، تصبح علامة خطر، وهذا النوع من الفوبيا هو الأخطر لأنه يؤدي للاكتئاب والعزلة.
عضوياً، يوجد جزء في الدماغ مسؤول عن الفوبيا، أي أنها ليست مجرد فكرة، وهذا الجزء في الدماغ يعمل كالإنذار، ويسمى بـ “اللوزة الدماغية”، وهي تعطي إشارة لدى الإحساس بخطر شديد.
أما نفسياً، فالتجارب السابقة -خاصة أثناء الطفولة- التي أدت لحدوث خوف، أو رؤية الأهل يتأثرون ويخافون من شيء معين، تتخزن في ذاكرة الطفل، وقد تتطور لخوف شديد، فينتقل إلى مرحلة الفوبيا، كما يمكن أن يتعرض الشخص البالغ لموقف يسبب له هذا الاضطراب.
هل من حل؟
5 إلى 6 بالمئة فقط من الحالات تقتنع بمحاربة الفوبيا ويلجؤون إلى مختص أو طبيب للمعالجة، لكن الغالبية يعيشون مع هذا الخوف، وبالنسبة للعلاج فيكون بثلاثة مستويات:
-العلاج المعرفي السلوكي، إذ يجرّب الاختصاصي النفسي عدة طرق لإقناع المريض باللاوعي لإزالة هذا الخوف الشديد، فإذا وجدت مقاومة من الجسم والعقل لإزالة هذه الأفكار وبقيت لدى المريض، يحتاج الوضع إلى أدوية لمعالجة هذا الاضطراب.
– العلاج الدوائي، بالأدوية النفسية لتخفيف شدة الإشارات الصادرة عن اللوزة الدماغية، ويستمر العلاج لفترة معينة.
– معالجة الأعراض الجسدية للفوبيا، كتسارع ضربات القلب والشعور بالاختناق ورجفة اليدين والتعرّق، فيتم استخدام أدوية للسيطرة على الجانب الجسدي للفوبيا، فمثلاً الأشخاص الذين لديهم خوف من التحدث أمام الجمهور “غلوسوفوبيا” ويضطرون لذلك، يلجأون لأخذ حبة دواء “بروبرانولول” وهو ليس دواء نفسي بل خافض ضغط ويمكن استخدامه في هذه الحالة ليخفف من ظهور الأعراض الجسدية للفوبيا.