لوفيغارو: الشرع يفرض “سلطة استبدادية” في سوريا.. حكم فردي بدعم أمريكي
تناولت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية التغير الجذري الذي طرأ على المشهد السوري خلال عام واحد فقط، منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وأشارت إلى صعود أحمد الشرع، القائد الجهادي السابق (المعروف سابقاً باسم “أبو محمد الجولاني”)، إلى قمة هرم الحكم في دمشق، وكيف فرض “سلطته الاستبدادية” على البلاد.
فرض الحكم المركزي وتأخير المؤسسات
أوضحت الصحيفة أن الشرع، الذي وصل إلى السلطة عبر ائتلاف عسكري من الفصائل الإسلامية، لم يكتف بإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من نصف قرن
بل يعمل اليوم على هندسة نظام سياسي جديد يتناسب مع رؤيته. ويمارس الشرع حكماً مركزياً صارماً يثير غضب شرائح واسعة من السوريين.
وقد تمكن خلال عام واحد من فرض سلطة شخصية شبه مطلقة على البلاد، حيث يعتمد أسلوب الحكم الفردي ويؤخر عمداً استكمال مؤسسات الدولة، خصوصاً البرلمان، لضمان احتفاظه بصلاحيات مطلقة.
ورغم مطالب شركائه العرب والغربيين بتسريع تشكيل الحكومة والبرلمان، فإن معظم السلطات ما زالت تُدار عبر “شبكة عائلية وأمنية ضيقة”.
وقد أشارت الصحيفة الفرنسية إلى وجود أربعة أشخاص محوريين حول الشرع يسيطرون على مفاصل الدولة، أبرزهم
أسعد الشيباني (وزير الخارجية) وحازم وماهر الشرع (شقيقا الرئيس)، بالإضافة إلى أبو مريم الأسترالي، وهو شخصية مالية أمنية تدير ملف الأموال واستعادة ثروات رجال الأعمال.
تسويق الصورة الجديدة والدعم الأمريكي
اعتبرت “لوفيغارو” أن الشرع غيّر كثيراً من أسلوبه وسلوكه في محاولة لتسويق نفسه كـ “زعيم سياسي عقلاني”، مقدّماً سلسلة من الإشارات لتخفيف صورته الإسلامية الصلبة:
إذ يجتمع دون أداء الصلاة علناً، ويأكل بيده اليسرى، ويرتدي البذلات الرسمية ويغيّر ربطات العنق يومياً، وذلك لإظهار انفتاحه واستعداده للتعامل مع المجتمع الدولي.
ورغم هذه التغييرات، لم يتمكن الشرع حتى الآن من ضبط الجماعات المتشددة المحيطة به، والتي تشكل مصدر تهديد دائم لحكمه.
وتشير الصحيفة إلى أن الشرع يحظى بدعم أمريكي مباشر من إدارة دونالد ترامب، التي تسعى إلى طمأنة العواصم العربية والغربية عبر إظهار مرونة اجتماعية وسياسية مفاجئة من رجل ارتبط اسمه سابقاً بالتطرف.
وأكدت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية زرعت أشخاصاً مقربين منها داخل دوائر الحكم في دمشق لضمان السيطرة على المسار الأمني.
التحديات الاقتصادية والأمنية ومستقبل اللامركزية
يواجه النظام الجديد تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة، إذ ما يزال الاقتصاد السوري منهاراً رغم رفع بعض العقوبات، بسبب غياب البنى المصرفية والاستثمارية، بينما تتزايد نقمة الشارع مع تضاعف أسعار الكهرباء عشرات المرات.
وبالرغم من وعود بمشاريع خليجية ضخمة، فإن الأموال الحقيقية لم تتدفق بعد لغياب الضمانات القانونية.
وتطرّقت الصحيفة أيضاً إلى استمرار الانتهاكات الأمنية، بما في ذلك الاعتقالات ودفع الفدى المالية، وغياب خطوات جادة لطمأنة الأقليات، لاسيما بعد المجازر التي طالت العلويين والدروز هذا العام.
وفيما يخص مستقبل الدولة السورية، نقلت “لوفيغارو” عن مسؤولين أمريكيين وعرب توقعهم التوجه نحو نظام لامركزي أو فيدرالي لتجنب تفتيت البلد، خاصة مع مطالب الدروز والأكراد المتنامية بالحكم الذاتي.
وقد أكد الموفد الخاص للرئيس ترامب، توم باراك، أن “سوريا تتجه نحو اللامركزية”، مرجّحاً تطبيق النموذج الفيدرالي العراقي أو إحياء القانون رقم 107.
وتُشير مصادر دبلوماسية إلى أنّ المذابح التي استهدفت الأقليات دفعت واشنطن لإعادة النظر في تمسكها السابق بسوريا موحّدة، في ظل سعي العلويين والدروز إلى الحكم الذاتي.
كما تتعثر مفاوضات الأكراد مع دمشق بشأن قضايا الثروة النفطية ومستقبل قواتهم المسلحة.
وختاماً، أشارت الصحيفة إلى أن توم باراك تواصل مع اللواء المنشق مناف طلاس المقيم في باريس، والذي يحظى بقبول تركي وروسي
ويُنظر إليه كشخصية سنية قادرة على المساعدة في إعادة بناء جيش حقيقي، وهو ما يعد عنصراً حاسماً لوضع أسس الدولة الجديدة التي يطمح إليها الشرع.
اقرأ أيضاً:عام على الوعود… والشارع ما زال بلا أمان: السوريون بين تصريحات الحكومة وواقع الخوف
اقرأ أيضاً:سنوات السوريين العجاف: أربع موجات هجرة متواصلة ونزف ديموغرافي