ذا ناشيونال تكشف ملامح الحكم الجديد في سوريا: ثلاث فئات للسلطة ونفوذ أمريكي متصاعد رغم القلق الداخلي
كشفت صحيفة “ذا ناشيونال” تفاصيل جديدة حول هيكلية الحكم في سوريا بعد عام واحد على سقوط نظام بشار الأسد، مشيرة إلى أن التحولات الجيوسياسية التي شهدتها البلاد أنهت إلى حدّ كبير نفوذ إيران وروسيا في دولة “ذات غالبية سنيّة“ وتخضع لسلطة انتقالية بقيادة أحمد الشرع.
وبحسب الصحيفة، فإن الشرع يعمل على تعميق التعاون مع الولايات المتحدة مقابل دعم اقتصادي وسياسي، رغم عدم رفع العقوبات الأمريكية بشكل كامل حتى الآن.
واشنطن: الشرع “قدّم الكثير”… لكنه مطالب بالمزيد:
أكد مسؤول أمريكي للصحيفة أن الشرع “بذل الكثير لتقريب سوريا من واشنطن”، في ملفات مكافحة الإرهاب وإنهاء النشاطات المعادية للغرب، لكنه ما يزال مطالبًا بخطوات إضافية، خصوصًا فيما يتعلق بـ وجود المقاتلين الأجانب.
وتشير مصادر أمنية إقليمية إلى أن رتبًا عسكرية عليا لا تزال خارج وحدة خاصة شكّلتها الحكومة لاحتواء مقاتلي الفصائل الأجنبية المتحالفة مع هيئة تحرير الشام.
انفتاح على روسيا… لكبح “إسرائيل“ ورفع التصنيفات الدولية:
رغم الخصومة القديمة بين الطرفين، أعاد الشرع فتح قنوات التواصل مع روسيا بهدف:
1- الحد من التوسع العسكري الإسرائيلي داخل سوريا
2- السعي لرفع تصنيفات الإرهاب عن هيئة تحرير الشام
3- تعزيز موقع الحكومة الانتقالية على الساحة الدولية
كما عززت تركيا تعاونها العسكري مع الحكومة، بينما تواصل “إسرائيل“ تنفيذ عمليات توغل داخل الأراضي السورية.
ورغم هذا الحضور التركي، تقول مصادر أمنية إن الولايات المتحدة أصبحت صاحبة النفوذ الأكبر في المؤسسات السورية خلال الفترة الأخيرة.
لقاء ترامب… وتحالفات جديدة ضد داعش:
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، التقى الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وانضم رسميًا إلى “التحالف الدولي“ ضد تنظيم “داعش”.
وقالت مصادر إقليمية للصحيفة إن اهتمام ترامب بالشرع كان “مثيرًا للدهشة” بالنظر إلى خلفية الأخير المرتبطة مع تنظيم القاعدة على مدى سنوات.
ثلاث فئات رئيسية تشكل بنية الحكم السوري الجديد:
أحد المسؤولين السوريين العائدين من الخارج لتولي منصب في حكومة دمشق، كشف لـ “ذا ناشيونال” أن الكوادر الحكومية في سوريا أصبحت مقسّمة إلى ثلاث فئات وفق نموذج تنظيمي اعتمدته هيئة تحرير الشام خلال فترة سيطرتها على إدلب:
1. الفئة الثالثة: “المفوّضون”
وهي أكبر فئة عدديًا، تضم آلاف الشخصيات ذات الخلفية الإسلامية، وتُمنح صلاحيات تنفيذية محددة لتسيير وزارات ودوائر حكومية تحتاج خبرة فنية.
2. الفئة الوسطى: “المتنفذون”
تضم عشرات أو مئات العناصر، ولهم سلطات أكبر.
من أبرزهم حازم الشرع، شقيق أحمد الشرع، الذي بات يشرف على الاقتصاد السوري.
3. الفئة العليا: “النواة الصلبة”
وهي الفئة الأكثر نفوذًا وتشمل:
أحمد الشرع
وزير الخارجية أسعد الشيباني
وزير الداخلية أنس خطاب (أبو أحمد الحدود)
ويمثل هؤلاء مركز القرار في الحكومة الانتقالية.
قلق لدى الأقليات… ومجازر لم تُمحَ من الذاكرة:
تسلّط “ذا ناشيونال” الضوء على استمرار مخاوف الأقليات في البلاد، وخاصة:
1- العلويين بعد مجازر آذار/مارس التي خلّفت أكثر من 1300 قتيل
2- الدروز في السويداء بعد موجات العنف الدامية في تموز/يوليو
3- الأكراد بسبب التوتر المستمر مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”
وتشير الصحيفة إلى جهود دبلوماسية أمريكية لاحتواء التوتر بين الحكومة الانتقالية و”قسد”، بما يمنع انجرار الطرفين إلى صراع مفتوح.
الشرع: “تحسين المعيشة هو مفتاح تخفيف الضغط السياسي”:
يكشف المسؤول السوري أن الشرع يركز على لقاء المستثمرين الأجانب شخصيًا لتحسين الاقتصاد، ويرى أن الاعتماد على تحسين الظروف المعيشية سيؤدي إلى تخفيف الضغط السياسي على الحكومة الانتقالية.
وقال الشرع في منتدى الدوحة: “الإسلام لا يتعارض مع اختيار الشعب لحاكمه… لكن بناء مؤسسات مستقرة يحتاج وقتًا.”
نفوذ أمريكي متصاعد… وحكومة ثلاثية البنية في سوريا الجديدة:
تكشف “ذا ناشيونال” أن سوريا اليوم تقف أمام مرحلة حساسة تتداخل فيها:
1- بنية سلطوية ثلاثية المستويات
2- نفوذ أمريكي قوي على القرار السياسي
3- علاقات متشابكة مع تركيا وروسيا
4- قلق داخلي متزايد لدى الأقليات بشأن الهوية الأيديولوجية للحكم
ووسط هذه التعقيدات، تحاول الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع موازنة التحالفات الإقليمية والداخلية، مع السعي نحو اعتراف دولي كامل واستقرار سياسي طويل الأمد.
إقرأ أيضاً: “الشيخ” يحلّ محل “المدير” و“الضابط” في مؤسسات الحكومة السورية بعد سقوط النظام