عام على “التحرير السياسي”: الاقتصاد السوري بين انفتاح غير منضبط وانهيار القاعدة الإنتاجية

شهد الاقتصاد السوري خلال العام الذي أعقب ما وُصف بـ مرحلة التحرير السياسي تحولاً جذريًا اتسم بالارتباك والتخبط في تطبيق مبادئ اقتصاد السوق، ما أثار مخاوف واسعة لدى الخبراء والمراقبين بشأن مسار هذا الانتقال وتداعياته على مستوى المعيشة والقطاعات الإنتاجية.

وفي تحليل اقتصادي نشره الخبير جورج خزام، اعتبر أن العام الفائت كان بمثابة مغامرة اقتصادية غير محسوبة العواقب، أدت إلى تدهور غير مسبوق في المؤشرات الأساسية للاقتصاد الكلي.

فتح الأسواق دون حماية… وإغراق يهدد الصناعة المحلية:

يؤكد خزام أن القرارات المتسرعة بفتح الأسواق وتخفيض الرسوم الجمركية قد تسببت في تدفق كميات كبيرة من السلع المستوردة، ما أدى إلى تهميش الإنتاج الوطني وإزاحة الصناعات المحلية من السوق.

وبحسب خزام، فإن هذا الانفتاح لم يكن نتيجة “منافسة عادلة”، بل تحول إلى إغراق اقتصادي ألحق ضرراً بالغاً بالقطاعات الإنتاجية:

1- توقف آلاف المصانع والورشات

2- خروج شريحة واسعة من العمال من سوق العمل

3- انهيار جزء مهم من القاعدة الصناعية

ويرى خزام أن هذه السياسة دفعت الاقتصاد إلى “حافة الانهيار”، خصوصاً في ظل غياب أي إجراءات حمائية تحافظ على المنتج المحلي.

بطالة وفقر يلامسان 90% من السكان:

يكشف التحليل أن معدلات البطالة والفقر وصلت إلى مستويات قياسية تقارب 90%، وهو مؤشر خطير يعكس إخفاق السياسات الاقتصادية المتبعة في تحقيق الاستقرار أو خلق فرص عمل.

وينتقد خزام المعيار السطحي الذي يعتبر أن امتلاء الأسواق بالسلع المستوردة دليل على الانتعاش، مؤكداً أن المعيار الحقيقي لأي اقتصاد يتمثل في:

1- زيادة الإنتاج المحلي

2- تقليص فاتورة الاستيراد

3- رفع حجم الصادرات

4- تحقيق انخفاض مستدام في سعر صرف الدولار

لكن أياً من هذه المؤشرات لم يتحقق خلال العام المنصرم، وفق الخبير.

حصانة للدعم التجاري على حساب الصناعة المحلية:

ويشير خزام إلى أن العام الماضي شهد ما يشبه “حصانة خاصة” للبضائع المستوردة، ما منح بعض المستوردين ذوي النفوذ فرصة لتحقيق مكاسب ضخمة على حساب الصناعة المحلية.

هذه السياسة، وفق التحليل، فشلت في:

1- تنشيط عجلة الإنتاج

2- تحقيق استقرار نقدي

3- دعم العملة المحلية

4- منع إغلاق المصانع

بل أدت إلى مزيد من التدهور الاقتصادي وتآكل القاعدة الإنتاجية السورية.

دعوات إلى حماية المنتج الوطني ورفع الرسوم الجمركية:

يدعو خزام إلى تبني مقاربة اقتصادية جديدة قائمة على حماية الصناعات المحلية، وذلك عبر:

1- رفع الرسوم الجمركية على السلع التي لها بدائل وطنية

2- دعم المعامل القائمة لمنع تسريح مزيد من العمال

3- تخفيض الاعتماد على الاستيراد

4- كبح التضخم ومنع ارتفاع الأسعار

5- تحقيق توازن في السياسات التجارية

ويرى أن حماية الصناعة الوطنية ينبغي أن تكون أولوية حكومية لضمان قدرة الاقتصاد السوري على التعافي والنهوض.

اقتصاد بحاجة إلى إعادة توازن قبل فوات الأوان:

يخلص خزام إلى أن التوجهات الاقتصادية خلال العام الماضي أثبتت إخفاقها، وأن إعادة التوازن للسياسات التجارية والمالية باتت ضرورة عاجلة لإعادة الثقة وإنقاذ ما تبقى من البنية الإنتاجية.

ويحذر من أن تجاهل هذه التحذيرات قد يؤدي إلى استمرار الانهيار، فيما يمكن للإصلاحات القائمة على حماية الصناعة المحلية أن تمثل نقطة انطلاق نحو تعافٍ حقيقي ومستدام.

إقرأ أيضاً: روسيا تسعى لتثبيت نفوذها الاستراتيجي في سوريا بعد عام على التغيير السياسي

إقرأ أيضاً: عام على سقوط النظام السابق: تدهور اقتصادي وتراجع الدعم الدولي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.