إضراب العلويين في سوريا: احتجاج سلمي ضد التهميش والاعتقالات والمجازر
في خطوة جديدة، خرج أبناء الطائفة العلوية في سوريا مجددًا عن صمتهم في احتجاجات سلمية، في محاولة لتأكيد حقوقهم كمواطنين متساويين في ظل السلطة الانتقالية الحالية، بدلاً من الاستمرار في تحميلهم مسؤولية الأزمات. بعد سلسلة من الانتهاكات التي طالت أفراد الطائفة العلوية، دعا الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، إلى عصيان مدني وإضراب عام لمدة خمسة أيام، احتجاجًا على تجاهل مطالب العلويين وعدم اتخاذ خطوات جادة لوقف الانتهاكات المستمرة.
إضراب العلويين: رسالة ضد التهميش والانتهاكات:
دعا الشيخ غزال إلى هذه الخطوة كجزء من “حزمة إجراءات سلمية” سيعلن عنها تباعاً، ما لم تتوقّف الممارسات التي طالت أبناء الطائفة، من اعتقالات واسعة، واستهداف على الهوية، ومجازر شهدها الساحل في آذار الماضي، فضلاً عن استمرار احتجاز آلاف العسكريين السابقين في السجون، ومحاصرة من سلّم سلاحه منهم، من دون أيّ معالجة جدية لهذا الملف حتى اليوم.
توقيت الإضراب كان مدروسًا بعناية، حيث تزامن مع ذكرى سقوط النظام السابق، التي أُعلنت عيدًا وطنيًا من قبل الحكومة الانتقالية، بينما يعيش السوريون أوضاعًا معيشية غاية في الصعوبة.
حسب المقربين من الشيخ غزال، لم تكن دعوته للإضراب تهدف إلى اعتراض الاحتفالات نفسها، بل كانت تهدف إلى تذكير الجميع بالمأساة التي مر بها أبناء الطائفة العلوية، والتي لم تجد أي حلول أو ردود فعل حقيقية من السلطة. كما حملت الدعوة رسالة ضد أي محاولات لتجنيد العلويين في دعم الاحتفالات أو على الأقل الامتناع عن إظهار أي موقف احتجاجي.
إضراب الكرامة: المشاركة والتحديات:
في اليوم الأول من الإضراب، كانت استجابة العلويين واضحة في مختلف مدن الساحل السوري وأرياف حماة الغربية وريف حمص، حيث لوحظ إغلاق واسع للمحال التجارية وانخفاض حركة النقل. ورغم الضغوط والتهديدات التي كانت تحيط بالناس، أصرّ العديد من العلويين على المشاركة، معتبرين أن “ما من شيء يمكن خسارته بعد ما جرى في الفترة الأخيرة”.
صحفية شابة من اللاذقية، وهي إحدى المشاركات في الإضراب، أوضحت أن الهدف من المشاركة لم يكن مجرد الاحتجاج على الانتهاكات فحسب، بل كان رسالة قوية ضد الظروف المعيشية القاسية التي يعيشها أبناء الطائفة. وقد أشار العديد من المشاركين إلى أن إغلاق المحال لم يكن نتيجة الأحوال الجوية، بل كان موقفًا احتجاجيًا نابعًا من الذاكرة الجماعية لأبناء الطائفة، التي ما زالت تحمل جراح الماضي.
مطالب العلويين: حقوق متساوية وتحديات في المستقبل:
من بين أبرز المطالب التي رفعها العلويون كانت العودة إلى الوظائف بعد الفصل التعسفي، إطلاق سراح المعتقلين، ووقف التحريض الطائفي، إضافة إلى تأمين الحماية الأمنية الأساسية لهم كمواطنين سوريين. وفي بانياس، أكد المشاركون أن هذه المطالب ليست سياسية بقدر ما هي متعلقة بالحياة اليومية، مشيرين إلى أن استمرار تجاهل هذه المطالب قد يدفع البعض إلى تبني خيارات أكثر راديكالية، مثل المطالبة بحكم ذاتي أو فيدرالية.
في مناطق أخرى، مثل مدينة مصياف، وصف العديد من التجار والإعلاميين الإضراب بـ”الحضاري”، مؤكدين أن مجرد امتناعهم عن العمل لم يكن معناه العداء، بل كان تعبيرًا عن مطالب مشروعة في بلد يزعم أنه يتمتع بحريات التعبير.
الخوف من الانتقام وغياب الدعم الرسمي:
في ظل المخاوف من الانتقام والعقوبات غير الرسمية، كالتهديد بالفصل التعسفي من العمل أو الإقصاء الأكاديمي، بقيت المشاركة في الإضراب محدودة. العديد من الموظفين والطلاب اضطروا إلى الحد من مشاركتهم خشية فقدان مصادر رزقهم، مما أثّر على فعالية الحراك في بعض المناطق.
الرسالة الأوضح: العلويون يرفضون الصمت:
مهما كانت الظروف، فإن رسالة أبناء الطائفة العلوية كانت واضحة: لم يعد لديهم الاستعداد للعودة إلى الصمت. في حال استمر تجاهل مطالبهم، فقد يصبح الوضع في الساحل السوري أكثر تعقيدًا، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات قد تكون أكثر خطورة على المدى الطويل.
إقرأ أيضاً: إضراب واسع في الساحل السوري وغربي حماة بدعوة الشيخ غزال غزال