من الخطف إلى غياب المقاعد… التعليم في سوريا يدق ناقوس الخطر!

داما بوست -خاص

في وقتٍ تعلن فيه الحكومة السورية الانتقالية عن خططٍ لإصلاح القطاع التربوي، تتكشّف على الأرض صورة صادمة لحالة انهيار حقيقية في قطاع التعليم في سوريا، ليس فقط على مستوى البنية التحتية، بل على صعيد أمن الكوادر والطلاب، وحتى أبسط مقومات الكرامة الإنسانية داخل الصفوف.

قتلى ومخطوفون.. المدارس تتحول إلى ساحات رعب:

في مشهد يعكس غياب المؤسسات الأمنية، سُجّلت خلال أيام قليلة حوادث قتل وخطف متتالية لمعلّمين وطلاب، في محافظات مثل حمص واللاذقية وحماة، وسط عجز حكومي تام.

مقتل المعلمة ليال دمر غريب برصاص مجهولين أثناء توجهها لمدرستها في حمص، ثم اختطاف الطفل محمد قيس حيدر من أمام مدرسته في وضح النهار في اللاذقية، شكّلا نقطة تحوّل مرعبة، دفعت الأهالي والمعلمين إلى إعلان إضراب مفتوح رفضاً لـ”الانفلات الأمني غير المسبوق”، كما وصفه ناشطون محليون.
في حمص أيضا، تسود حالة من الترقب بعد اختطاف السيدة لمى اليوسف أثناء انتظارها ابنتها أمام مدرسة في حي الزهراء.
وفي حماة، انقطع الاتصال بالمعلمة ماري علي حسن من قرية أصيلة بريف مصياف منذ الأسبوع الماضي، أثناء مراجعتها مديرية التربية في حماة.
كما انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر معلمة تقوم بتعنيف الطلاب عبر ضربهم، وحلاقة شعرهم، ما آثار استياءً واسعاً في صفوف السوريين.
ما يحدث اليوم ليس “حادثاً فردياً”، بل نمط تكراري من العنف والإفلات من العقاب، والسلطات الأمنية – كالعادة – لا تملك سوى الصمت أو التصريحات الإنشائية، دون نتائج، ودون أدنى احترام لكرامة الضحايا أو وجع الأهالي.

التعليم بلا مقاعد… ولا مسؤولية!

وفي مشهد لا يقل كارثية عن الخطف والقتل، انتشرت مقاطع مصوّرة لطلاب يجلسون على الأرض في صفوف بلا مقاعد، في مدارس بريف دير الزور، حلب، الغوطة الشرقية وغيرها. في مدرسة بريف دير الزور، جلس ثلاثة طلاب على مقعد واحد، بينما افترش عشرات غيرهم الأرض.

مدارس بلا معلمين، بلا تجهيزات، بلا أدنى مقومات للتعليم… ومع ذلك لا تُحرّك وزارة التربية ساكناً، وكأن التعليم صار “ترفاً” لا يستحق الإنقاذ.

إدارة مدرسة “بالا” في الغوطة الشرقية أطلقت نداء استغاثة علني، مطالبة الوزارة بتوفير مقاعد، بعد أن بدأ العام الدراسي فعلياً. لكن لا حياة لمن تنادي.

حكومة عاجزة… أم غير معنية؟

كل المؤشرات تدل على أن الحكومة السورية الانتقالية غير قادرة، أو ربما لم تعد راغبة، في تحمّل مسؤولياتها الأساسية تجاه الأطفال والكوادر التعليمية. غياب الحماية، الإهمال الإداري، التقصير في الصيانة والتجهيز، والتراخي أمام الجريمة… كلها عوامل تدفع التعليم في سوريا نحو هاوية خطيرة تهدد مستقبل جيل بأكمله.

ما يحدث اليوم ليس مجرد “مشكلات”، بل كارثة وطنية موصوفة، تثبت أن النظام التربوي في سوريا صار جسداً ميتاً تُدار حركته بالتصريحات الكاذبة والدعاية الرسمية، لا أكثر.

أهالي يصرخون… والسلطة صامتة:

في اللاذقية، وقف الأهالي أمام مدرسة الطفل المختطف محمد حيدر يهتفون: “أين الدولة؟ أين الأمن؟ من يحمي أبناءنا؟”، لكن من الواضح أن الحكومة غائبة، لا تسمع، ولا تريد أن تسمع.

التعليم في سوريا يحتضر:

بين الرصاص الذي يقتل المعلمين، والسيارات التي تخطف الأطفال، والأرض التي تتحول إلى مقعد دراسي.. تبدو الحكومة السورية وكأنها قررت ترك المدارس للمجهول، متخلّية عن آخر ما تبقّى من واجبها تجاه الشعب.
إذا لم تُعلن حالة طوارئ تربوية عاجلة، يتولاها فريق حقيقي من التربويين والأمنيين والصحيين، فالقادم أسوأ.
المدارس التي كانت تصنع المستقبل… باتت الآن تدفنه كل يوم.

إقرأ أيضاً: مدارس سوريا: أطفال يفترشون الأرض وسط غياب البنية التحتية التعليمية

إقرأ أيضاً: إضراب في اللاذقية بعد اختطاف الطفل محمد قيس حيدر.. إلى متى هذا الفلتان الأمني؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.