في ظل التحولات الإقليمية والتحديات المتصاعدة في قطاع الطيران، أعلنت الحكومة السورية الانتقالية عن خطة طموحة لإنشاء ثلاثة مطارات جديدة في دمشق، حلب، والمنطقة الوسطى، ضمن مساعيها لتحديث البنية التحتية الجوية وتعزيز ربط البلاد بالعالم الخارجي.
رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، أشهد الصليبي صرّح أن “مؤسسة الطيران” قد تم تحويلها رسمياً إلى “الهيئة العامة للطيران المدني”، وأصبحت تتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية. وأوضح أن هذا الإجراء يأتي ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة قطاع الطيران المدني في سوريا، بهدف تعزيز الدور الرقابي والتنظيمي للهيئة على شركات الطيران العاملة.
وبيّن الصليبي أن الشركة السورية للطيران، عند استعادة السيطرة على مؤسسات الدولة، كانت تمتلك طائرتين فقط، وكانت قاب قوسين أو أدنى من التوقف الكامل بسبب التراجع الكبير في إمكاناتها التشغيلية. أما اليوم، فيتألف الأسطول من ثلاث طائرات فقط، ما يفرض قيوداً على توسيع شبكة الرحلات. ولمواجهة هذا النقص، أقدمت الشركة على استئجار طائرة إضافية كحل مؤقت، وتعمل حالياً على استئجار المزيد من الطائرات لتعزيز قدرتها على تلبية الطلب وتحسين خدماتها.
اقرا ايضاً: الطيران المدني: مساعٍ لتحسين كفاءة مطار حلب وتعزيز خدماته التشغيلية
منظور اقتصادي: تحديات وتطلعات في قطاع الطيران السوري
لا يمكن عزل المشاريع السورية المتعلقة بتوسيع المطارات وتحديث قطاع الطيران عن الجهود الرامية إلى إنعاش بيئة الاستثمار المتدهورة في البلاد، ومحاولة إعادة ربطها بالعالم عبر فتح خطوط جوية وتجارية جديدة مع دول تعتبرها دمشق صديقة، أو تربطها بها علاقات آخذة في التحسن.
غير أن التحديات أمام هذه الطموحات لا تزال كبيرة، تبدأ بضعف البنية التحتية وتشمل العزلة شبه الكاملة التي يعاني منها قطاع الطيران السوري عن السوق الدولية. فالأسطول الجوي الرسمي، المتهالك أساساً، لا يضم سوى ثلاث طائرات، ما يفرض اعتماداً مؤقتاً على الطيران المستأجر، وهو حلّ لا يرقى لمستوى طموحات استعادة الدور الإقليمي أو السيادة الجوية الفعلية.
وفي هذا السياق، فإن أي توسع في عدد المطارات ينبغي أن يوازيه تطوير شامل في منظومات المراقبة الجوية، وخدمات الملاحة، والبنية التحتية الفنية، وهي متطلبات تحتاج إلى استثمارات طويلة الأمد وظروف سياسية وأمنية مستقرة، وهي عناصر غائبة حالياً في ظل الأوضاع الراهنة.
وفي تطور لافت، أُعلن عن اتفاق مع الجانب التركي لتزويد مطارات دمشق وحلب ودير الزور برادارات متطورة خلال الفترة المقبلة. هذا الاتفاق، وقد يمهّد الطريق أمام شركات طيران إقليمية لاستخدام الأجواء السورية مجدداً إذا توفرت الشروط التقنية اللازمة.
على المستوى الدولي، عودة سوريا إلى عضوية المنظمة الدولية للطيران المدني تُعد خطوة رمزية، تعكس رغبة رسمية في استعادة الحضور المؤسساتي، إلا أن ترجمتها إلى واقع عملي تتطلب بيئة قانونية وسياسية مستقرة، وضمانات أمنية، وهو ما لا يتوفر حتى اللحظة، في ظل استمرار الانقسام السياسي ووجود قواعد عسكرية أجنبية على الأراضي السورية.
اقرا ايضاً: الهيئة العامة للطيران: دراسة لإنشاء مطارات جديدة في دمشق وحلب والمنطقة الوسطى