عام على الوعود… والشارع ما زال بلا أمان: السوريون بين تصريحات الحكومة وواقع الخوف
عام كامل مرّ على سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وعلى الوعود المتكررة التي قطعتها الحكومة السورية الجديدة بإعادة الأمن وضبط الفوضى، إلا أن الشارع ما يزال يعيش القلق ذاته، وسط انتشار السلاح وتصاعد معدلات الجريمة، في وقت تبدو التصريحات الرسمية منفصلة تماماً عمّا يجري على الأرض.
خلال الأشهر الماضية، سجلت عدة محافظات ارتفاعاً في حوادث السرقة والخطف والسطو المسلح، بينما يؤكد الأهالي أن دوريات الأمن تصل متأخرة أو لا تصل أبداً، لتُسجَّل الحوادث مجدداً ضد “مجهولين”، دون نتائج ملموسة، في ظل حديث مصادر محلية عن غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية واتساع الفجوة بين الخطط المعلنة والواقع الفعلي.
ما يعيشه الشارع اليوم لم يعد مجرد “خلل أمني”، بل أزمة حقيقية تمس تفاصيل الحياة اليومية للسوريين الذين ينتظرون منذ عام وعوداً لم تتحقق.
الخوف يغيّر تفاصيل الحياة اليومية
بات كثير من المواطنين يتجنبون الخروج من منازلهم خارج ساعات الذروة، في وقت غيّرت فيه العائلات عاداتها ومواعيدها خشية التعرض للاعتداء.
سامر عبد الحق، موظف في دمشق، يقول لموقع “الحل نت” إنه تعرّض لمحاولة سلب وهو عائد من عمله. ورغم تقديمه بلاغاً مفصلاً، لم يتم اتخاذ أي إجراء.
ويضيف: “صرنا نعيش بوطن ما فيه طمأنينة. الوعود كما هي من سنة، لكن الخوف صار جزء من يومنا.”
أما روان درويش، طالبة جامعية، فتقول إنها تتجنب حضور معظم محاضراتها بعد حادثة اقتحام مسلحين غرفة عميد الكلية.
وتعلق: “إذا العميد نفسه ما كان آمن بمكتبه، فكيف الطالب؟ الجامعة صارت مكان يخوّف بدل ما تكون مكان علم.”
المرضى أيضاً أمام معركة أخرى: الوصول إلى المستشفى
مع قرار إغلاق المحال عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، أصبحت الشوارع شبه خالية، ما ضاعف مخاوف المرضى وذويهم.
تروي أم باسل من ريف دمشق للموقع نفسه، أنها خرجت فجراً بحثاً عن وسيلة نقل لزوجها المصاب بقصور كلوي، لكن الشوارع كانت “كمدينة أشباح”.
وتقول: “زوجي كان بحالة خطرة، وما كان في سيارة، ولا محل، ولا حتى صيدلية مضوية. حسيت لحالي بوسط فراغ مخيف.”
وفي العاصمة نفسها، تتردد عائلة جاءت من خارج دمشق للعلاج في المستشفى على الخروج ليلاً.
يقول رب الأسرة: “من بعد الوحدة الليل الشوارع مهجورة، وما في دوريات. كيف بدهم يقنعونا إنه الأمن رجع؟”
فجوة تتسع بين الناس والسلطة
رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن خطط أمنية جديدة وتحسن تدريجي، إلا أن الكثير من السوريين يرون أن الأمن أصبح “شعاراً إعلامياً”، وأن الحياة اليومية تثبت العكس.
ويرى ناشط مدني أن ما يحدث “ليس مجرد تقصير بل انهيار في العلاقة بين الدولة والمواطن”، مضيفاً:
“عندما يتم اقتحام جامعة، ويُترك المرضى يواجهون الشوارع المظلمة وحدهم، فنحن أمام أزمة تمس جوهر الأمن.”
ويؤكد أن عاماً كاملاً من الوعود لم ينتج أمناً فعلياً، وأن استمرار هذا الوضع سيزيد شعور الناس بالهشاشة ويفاقم فقدان الثقة.
أمل مؤجل… ينتظر فعلاً لا تصريحات
رغم اختلاف الآراء، يجمع السوريون اليوم على أمر واحد: أن غياب الأمن لم يعد مجرد مؤشر سلبي، بل قضية تؤثر على حياة آلاف الأشخاص الذين ينتظرون لحظة إعلان عودة الأمان بشكل ملموس.
بين طالب يحمل أحلامه، ومريض يبحث عن فرصة للعلاج، وأم تخشى على أطفالها… يبقى الأمل قائماً، لكن تحقيقه يتطلب إجراءات حقيقية، لا بيانات وتصريحات، لأن طريق الحياة الكريمة يبدأ أولاً بشعور صادق بالأمان.
اقرأ أيضاً:عام على سقوط الأسد… السوريون بين واقع يزداد قسوة ووعود حكومية
اقرأ أيضاً:مفوضية الأمم المتحدة تحذر من استمرار الانتهاكات في سوريا