سوريا بعد الأسد: تحديات السلطة الانتقالية ومستقبل البلاد
بعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأت سوريا مرحلة جديدة تحت قيادة أحمد الشرع رئيس الحكومة الانتقالية. ومع ذلك، ما زالت البلاد تعاني من التحديات السياسية والأمنية العميقة، ويظهر المشهد الحالي على الأرض غموضًا حيال مستقبل سوريا السياسي والاجتماعي. بينما كانت التوقعات تركز على التحول الديمقراطي وبناء مؤسسات وطنية، فإن الممارسات الحالية للحكومة الانتقالية تثير القلق وتعكس غياب رؤية واضحة للمستقبل.
السياسات الطائفية وانتهاكات الحكومة الانتقالية:
منذ بداية العام، شهدت مناطق الساحل السوري وبعض مناطق حمص وريف حماة التي تضم غالبية علوية، موجة من العنف الطائفي، بما في ذلك مجازر وانتهاكات تركزت على أبناء الطائفة العلوية. العلويون في سوريا بدأوا يطالبون بتطبيق الفيدرالية واللامركزية السياسية كسبيل لحماية حقوقهم وضمان أمنهم. وقد خرجت مظاهرات سلمية في تشرين الثاني 2025 للمطالبة بوقف العنف، مما يعكس فشل الحكومة الانتقالية في بناء الثقة وحماية المكونات الطائفية.
مجازر السويداء والمطالب بإقليم منفصل:
أما في السويداء، فقد شهدت المنطقة مجازر بحق الدروز على يد ميليشيات متطرفة تدعمها الحكومة الانتقالية، مما أدى إلى تصاعد مطالبات الدروز ب إقليم منفصل أو إدارة ذاتية. هذه المجازر تسببت في انعدام الثقة بين الدروز والحكومة الانتقالية، وتفاقمت الأزمات الأمنية في المنطقة الجنوبية، ما يعكس فشل الحكومة الانتقالية في بسط الأمن وضمان الاستقرار.
مفاوضات متعثرة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد):
تستمر المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تمثل المكون الكردي، في الجمود. ورغم توقيع اتفاقية 10 آذار 2025 بين دمشق وقسد، فإن التوترات العسكرية لا تزال مستمرة في شمال وشرق سوريا. قسد تطالب ب اللامركزية لإدارة مناطقها، بينما ترفض الحكومة الانتقالية منحهم مزيدًا من الصلاحيات، مما يزيد من الانقسامات ويعمق الأزمة السياسية بين الحكومة والمكونات المحلية.
غموض مستقبل سوريا السياسي والاجتماعي:
اليوم، وبعد عام من سقوط الأسد، ما زالت سوريا في حالة من الانقسام. الحكومة الانتقالية، رغم وعودها بإصلاحات ديمقراطية، لم تتمكن من لم شمل المكونات السورية المختلفة. العلويون والدروز و قسد، جميعهم يطالبون بحقوق أكبر، ومنها اللامركزية والتمثيل العادل في الحكومة. هذا يعكس فشلًا في تحقيق التحول الديمقراطي الحقيقي ويؤشر إلى أن المستقبل السياسي لسوريا لا يزال في دائرة مهددة.
التحديات الاقتصادية والمخاوف من اندلاع حرب أهلية:
بينما تنتظر سوريا جهودًا لإعادة الإعمار، فإن غياب الاستقرار السياسي والأمني يزيد من مخاطر تجدد الحروب الأهلية. في ظل الاحتقان الطائفي والعنف المستمر، قد يستعيد تنظيم داعش نشاطه، أو تظهر جماعات راديكالية جديدة. هذا يشكل خطرًا ليس على سوريا فقط، بل على الأمن الإقليمي بشكل عام.
ضرورة الشراكة الوطنية:
في النهاية، إعادة بناء سوريا وضمان استقرارها يتطلب شراكة حقيقية بين جميع المكونات السورية. من العلويين و الدروز إلى قسد وكل القوى الاجتماعية والسياسية الأخرى. إن التهميش أو إقصاء أي طرف من العملية السياسية قد يؤدي إلى تفشي العنف و تزايد الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يعطل جهود بناء سوريا الجديدة ويزيد من صعوبة استعادة الاستقرار السياسي و الاقتصادي في البلاد.
اقرأ أيضاً:عام على سقوط الأسد… السوريون بين واقع يزداد قسوة ووعود حكومية
اقرأ أيضاً: عام على الوعود… والشارع ما زال بلا أمان: السوريون بين تصريحات الحكومة وواقع الخوف