أكثر من 3 ملايين سوري يعودون.. والمفوضية تحذر من “خطر الانتكاس” بسبب شح التمويل
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) يوم الإثنين عن عودة ما يزيد عن ثلاثة ملايين مواطن سوري إلى مناطقهم الأصلية منذ انهيار حكم الرئيس السابق بشار الأسد قبل عام مضى، في رقم مفصلي يجسد بداية خجولة لمرحلة ما بعد الصراع في سوريا.
ورغم ضخامة هذا التحول الإيجابي، حذرت المفوضية من أن التراجع الملحوظ في التمويل العالمي المخصص للاستجابة الإنسانية يهدد بـ “عكس مسار هذه العودة التاريخية” التي طال انتظارها.
أرقام العودة والنازحين المتبقين
كشفت بيانات المفوضية أن إجمالي العائدين تجاوز 3.1 مليون مواطن، مقسمين كالتالي:
1.2 مليون لاجئ: عادوا من خارج الحدود (الدول المجاورة).
1.9 مليون نازح داخلي: تمكنوا من الرجوع إلى ديارهم داخل سوريا.
ومع ذلك، يبقى مصير أكثر من خمسة ملايين لاجئ خارج حدود سوريا، تستضيف الدول المجاورة (كالأردن ولبنان) الغالبية العظمى منهم، مما يضع عبئاً هائلاً على كاهل هذه الدول.
نداء دولي وتحذير من الانتكاسة
وجه رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، نداءً مباشراً للمجتمع الدولي، محذراً من المخاطر المحدقة:
“السوريون مستعدون لإعادة الإعمار، والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو.. هل العالم مستعد لمساعدتهم على ذلك؟”
وحذر غراندي من أن “خطر الانتكاسات الحاد وعودة اللاجئين إلى الدول المضيفة هو خطر حقيقي للغاية وداهم”، ما لم تُكثف الجهود الدولية.
التمويل: فجوة كارثية تهدد التعافي
تتجلى خطورة الموقف في أرقام التمويل الصادرة عن الأمم المتحدة:
-
الاحتياج الإجمالي: 3.19 مليار دولار أميركي للاستجابة الإنسانية في سوريا.
-
التمويل الحالي: تم تمويل الاستجابة هذا العام بنسبة 29 بالمئة فقط.
يأتي هذا التمويل الشحيح في وقت تشهد فيه الجهات المانحة الرئيسية (مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية) تخفيضات كبيرة في مساعداتها.
تحديات البنية التحتية والذخائر غير المنفجرة
تواجه عمليات العودة تحديات لوجستية وصحية وأمنية ضخمة:
1- القطاع الصحي: أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها البالغ، حيث أن 58 بالمئة فقط من المستشفيات يعمل بكامل طاقته. كما أن انقطاع الكهرباء يؤثر مباشرة على سلسلة تبريد اللقاحات.
كريستينا بيثكي (ممثلة منظمة الصحة العالمية): “يعود العائدون إلى مناطق حيث الأدوية والموظفين والبنية التحتية محدودة للغاية، مما يزيد الضغط على الخدمات الهزيلة بالفعل”.
2- خطر المخلفات الحربية: يمثل بطء إزالة الذخائر غير المنفجرة عائقاً مميتاً.
-
أفادت منظمة “هيومانيتي آند إنكلوجن” بوقوع أكثر من 1500 حالة وفاة وإصابة خلال العام الماضي بسبب هذه المخلفات.
-
تمويل جهود إزالة الألغام لا يتجاوز 13 بالمئة.
البعد السياسي لتباطؤ المساعدات
يرى البعض أن دولاً مانحة أحجمت عن تقديم التمويل الضخم في انتظار رؤية ما إذا كانت السلطات الجديدة تحت قيادة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع سوف تفي بوعودها بالإصلاح الشامل والمساءلة عن الجرائم التي ارتكبت (بما في ذلك المجازر بحق الطائفة العلوية في مارس الماضي)، مما يضيف بعداً سياسياً لتباطؤ الاستجابة الإنسانية.
إقرأ أيضاً: لوموند: أحمد الشرع ومسار التحوّل في سوريا بعد الأسد
اقرأ أيضاً:الشرع: سنعيد سوريا قوية وعادلة