مشروع إنارة شوارع دمشق يثير الجدل: “نور العاصمة” والتفاوت بين المحافظات

بدأت محافظة دمشق تنفيذ مشروع جديد لإنارة شوارع العاصمة بنحو 1800 نقطة ضوئية تعمل على مدار الساعة، دون أن تخضع لبرنامج التقنين الكهربائي المفروض على باقي المدن السورية، ما أثار جدلاً واسعًا حول العدالة في توزيع الخدمات العامة بين المحافظات.

وبحسب المحافظة، يهدف المشروع إلى تعزيز السلامة العامة وتحسين جمالية المدينة، ويشمل مناطق واسعة من العاصمة مثل ساحة الأمويين وتفرعاتها، وشارع شكري القوتلي، وطلعة الشامي، والربوة، وجسر فكتوريا، وشارع الثورة، إضافة إلى شوارع في دمشق القديمة كشارع الأمين والبدوي، وأخرى في ركن الدين، على أن تُستكمل الأعمال خلال خمسة عشر يومًا.

مشروع تنموي أم ترف كهربائي؟
إعلان المشروع قوبل بموجة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر فيها كثير من السوريين من المحافظات الأخرى عن استيائهم من اقتصار المشاريع الخدمية على العاصمة، معتبرين أن هذه الخطوة تكشف استمرار الفجوة في الخدمات بين دمشق وبقية المحافظات.

هادي من سوريا كتب معلقًا: “كانو كل شي عم يصير بالشام بس، صرنا متل المحتالين منحط كل شي منيح عالوش والباقي شي بقرف، يعني ليش باقي المحافظات ما عم يصير شي فيها؟”.
أما محمد لولح تساءل: “طيب وشو مشان باقي المحافظات؟ كانو ما تغيّر شي عن قبل.”

تعليقات مشابهة وردت من محافظات أخرى، بينها حماة، حيث كتب أحد المواطنين: “يعطيهم العافية بس منتمنى نشوف ربع هالشي بحماة، فعلياً المحافظة صفر على شمال، ما في خدمات أبداً.”

وتتزامن هذه الانتقادات مع واقع كهربائي صعب في معظم المحافظات السورية، حيث لا تتجاوز ساعات التغذية الكهربائية ثلاث ساعات يوميًا في العديد من المناطق، مقابل استمرار المشاريع الخدمية في العاصمة دون أن تتأثر ببرنامج التقنين.

رمزية النور والتمييز بين المدن
يرى المهندس المختص بالبنية التحتية جهاد عبيد، من ريف دمشق، أن المشروع يمثل تطورًا مرحبًا به من الناحية التقنية، لكنه “يعمّق في الوقت ذاته الإحساس بعدم المساواة لدى سكان المحافظات الأخرى”.

ويقول عبيد: “ما في مشكلة بتطوير البنية التحتية بدمشق، بس كان لازم يكون في توازن. كيف ممكن تقنع مواطن بدير الزور أو بحماة إن المشروع مو تمييز، وهو عايش بالعتمة؟”.

ويضيف أن الرمزية في هذه المشاريع “أقوى من قيمتها الخدمية”، إذ تُظهر انحياز الدولة للعاصمة وتكرّس مبدأ “دمشق أولًا”، بينما تبقى المحافظات الأخرى خارج نطاق الاهتمام الفعلي بالخدمات الأساسية.

فرح في دمشق وانتقادات خارجها
في المقابل، عبّر سكان العاصمة عن رضاهم عن المشروع، معتبرين أنه خطوة طال انتظارها لتحسين السلامة العامة وتجميل المدينة.

ريم العبيد، من سكان حي ركن الدين، قالت لموقع الحل نت إنها “مبسوطة بالمشروع لأنه غيّر شكل الحي وسهّل الحركة ليلًا”، مضيفة: “قبل كنا نمشي بشوارع مظلمة وكتير كانت تصير حوادث، اليوم الوضع أفضل بكثير.”

عدالة غائبة ونور غير متكافئ
وبينما يرى البعض في المشروع خطوة ضرورية لتحسين الحياة في العاصمة، يرى آخرون أنه تذكير صارخ بانعدام العدالة في الخدمات العامة. فبينما تضاء شوارع دمشق على مدار الساعة، تعيش مدن سورية أخرى في عتمة شبه دائمة، دون بوادر لحلول قريبة.

ومع استمرار التفاوت في تنفيذ المشاريع الخدمية، يبرز مشروع إنارة دمشق كرمز جديد للهوة الإدارية بين المركز والأطراف، إذ يرى كثيرون أن “النور في سوريا لا يُوزّع بالتساوي”، وأن العتمة التي يعيشها السوريون لم تعد كهربائية فحسب، بل اجتماعية وإدارية أيضًا.

وفي الوقت الذي تُنار فيه شوارع دمشق بضوءٍ جديد، تبقى محافظات البلاد الأخرى تنتظر إشراقة مماثلة، لا على مستوى الإنارة فحسب، بل على مستوى العدالة في الخدمات والتنمية.

اقرأ أيضاً:سوريا توقع اتفاقيات لإنشاء أربع محطات كهرباء ضخمة ومشاريع طاقة شمسية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.