تمثيل المرأة السورية في السلطة: هل نظرة المجتمع “القاصرة” تعيق صناعة القرار؟

لطالما كانت مشاركة المرأة السورية في الحياة السياسية، رغم دورها التاريخي في النضال الوطني والاجتماعي، محدودة وتفتقر إلى التمثيل العادل. وفي محاولة لتجاوز هذا التهميش، ظهرت فكرة “الكوتا النسائية” كآلية لضمان وجود المرأة في مواقع صنع القرار. ولكن هل نجحت هذه الآلية في سوريا في تحقيق التمكين الفعلي؟

حول واقع “الكوتا” النسائية في سوريا، التقت صحيفة “الثورة” الباحث والمدرب في القانون الدولي المحامي أحمد عبد الرحمن، الذي أوضح أن “الكوتا” هي نظام يهدف إلى تخصيص نسبة محددة من المقاعد للنساء في المجالس المنتخبة.

الخلفية والواقع الحالي للتمثيل النسائي

أشار عبد الرحمن إلى أن المرأة السورية شاركت في الحياة العامة منذ بدايات القرن العشرين، لكن انخراطها السياسي ظل محدودًا ورمزياً حتى بعد وجود نساء في مجلس الشعب خلال فترات سابقة.

وفيما يخص الواقع الحالي، بيّن عبد الرحمن أن سوريا لا تتبنى نسبة “كوتا” قانونية واضحة وملزمة. ونتيجة لذلك، لم تتجاوز نسبة النساء في انتخابات مجلس الشعب لعام 2024 نحو 9.6% من المقاعد. ويُترك الأمر غالبًا لاجتهاد الأحزاب، التي قد تدرج نساء في قوائمها، لكن غالبًا في مواقع غير فاعلة أو غير قابلة للفوز.

تحديات “الكوتا” في طريق التمكين الحقيقي

أكد المحامي عبد الرحمن أن هناك تحديات رئيسية تعيق فعالية “الكوتا” النسائية وتحولها من أداة تمكين إلى مجرد تمثيل رمزي:

  • التمثيل الرمزي: استخدام “الكوتا” لتجميل صورة النظام السياسي دون وجود تمكين حقيقي للمرأة.
  • غياب الإرادة السياسية: عدم وجود سياسات واضحة لتأهيل وتدريب النساء على القيادة السياسية.
  • الصور النمطية المجتمعية: النظرة القاصرة التي تعتبر المرأة غير مؤهلة لاتخاذ قرارات سياسية، مما يضعف فرصها الانتخابية.

خارطة طريق للتمكين الفعال

يرى عبد الرحمن أن “الكوتا” يمكن أن تكون فعالة وجسرًا حقيقيًا نحو التمكين السياسي للمرأة عبر حزمة من الإجراءات:

  • تعديل القوانين الانتخابية: فرض نسبة “كوتا” قانونية لا تقل عن 30% من المقاعد للنساء، مع ضمان أن تكون هذه المقاعد في مواقع فاعلة وليست هامشية.
  • التوعية المجتمعية: إطلاق حملات إعلامية لتغيير الصورة النمطية السلبية عن دور المرأة السياسي، وإشراك رجال الدين والمثقفين في دعم مشاركتها.
  • تأهيل النساء سياسيًا: إقامة برامج تدريبية متخصصة للنساء في مجالات القيادة، التشريع، وإدارة الحملات الانتخابية.
  • دعم الأحزاب الملتزمة: تقديم حوافز للأحزاب التي تلتزم بترشيح نساء في مواقع متقدمة، ومراقبة وتقييم التزامها بـ”الكوتا”.

واستشهد الباحث بنماذج عربية ناجحة مثل تونس التي اعتمدت نظام التناصف، والمغرب التي رفعت نسبة النساء في البرلمان لأكثر من 20%، والعراق التي فرضت “كوتا” بنسبة 25%، مما أسهم في تعزيز التمثيل النسائي.

واختتم عبد الرحمن حديثه بالتأكيد على أن “الكوتا” النسائية في سوريا لا يجب أن تكون مجرد أرقام تُضاف إلى القوائم، بل أداة للعدالة الاجتماعية والسياسية. فمع تعديل القوانين وتأهيل النساء وتوعية المجتمع، يمكن تحويل “الكوتا” من إطار رمزي إلى جسر حقيقي لتحقيق تمثيل عادل يليق بالدور التاريخي والوطني للمرأة السورية.

 

اقرأ أيضاً:صوت المرأة خافت جداً: 5% فقط للنساء في البرلمان السوري الجديد

اقرأ أيضاً:تعيينات جميعها لرجال في وزارة الخارجية السورية..أين تمكين المرأة؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.