التفاح في السويداء: جفاف وتهميش يهددان “العمود الفقري” لاقتصاد المزارعين
تُواجه محافظة السويداء السورية، التي تُعدّ مركزًا رئيسيًا لإنتاج التفاح بفضل ما يقارب ثلاثة ملايين شجرة تشكل عصبًا لاقتصادها المحلي ومصدر رزق لآلاف الأسر، موسمًا كارثيًا هذا العام. فقد اجتمعت عوامل مناخية قاسية وأزمات اقتصادية وتهميش رسمي لتضع المزارعين والتجار أمام خسائر فادحة تهدد مستقبل القطاع بأكمله.
تدهور الإنتاج بسبب الجفاف وغياب التصريف
شهدت المنطقة موجة جفاف غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على جودة وحجم المحصول. وبسبب نقص الأمطار، ظهرت كميات كبيرة من الصنف الرابع من التفاح، ذي القيمة التسويقية المنخفضة.
وعادةً ما يُوجَّه هذا الصنف إلى معاصر الدبس، لكن هذه المعاصر نفسها توقفت عن العمل نتيجة أزمة المحروقات وارتفاع تكاليف التشغيل.
ووفقًا لما ذكره المزارع لؤي أبو ترابي لموقع “الترا سوريا”، فإن أزمة التفاح ليست وليدة اللحظة، بل هي سلسلة من المعاناة تبدأ من صعوبة تأمين المشتقات النفطية، مرورًا بمشاكل التصريف، وانتهاءً بانتشار الأدوية الفاسدة. وأشار إلى أن غياب الدعم الحكومي قديم، إلا أن الوضع تفاقم مع زيادة التهميش في الفترة الحالية.
كما ضاعفت الأزمة العامة من معاناة المزارعين؛ ففي موسم سابق، تسببت أزمة الكهرباء والمحروقات في تلف كميات ضخمة من محصول الإجاص المخزّن في البرادات، إضافة إلى منع وصول الشاحنات إلى دمشق عبر الحواجز العسكرية، ما كبّد المزارعين خسائر جسيمة.
خسائر مزدوجة للضمانة والتجار
أكد خالد أ.، وهو صاحب منشأة تبريد وأحد “ضمانة التفاح”، أن الخسائر تطال كلًا من المزارع والتاجر على حد سواء هذا الموسم. فالأسعار التي تدفعها “الضمانة” تتراوح بين 1500 و2000 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد في أفضل الأحوال، وهو مبلغ لا يغطي حتى تكاليف الإنتاج الأساسية من فلاحة وتشحيل ورش مبيدات.
يُضاف إلى ذلك الارتفاع الجنوني في كلفة العمالة والمحروقات اللازمة للتبريد، ما يجعل حتى “الضمان” يواجه الخسارة، بينما يبقى المزارع هو الخاسر الأكبر.
مستقبل غامض ومطالب بالإغاثة
يرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع دون تدخل فعّال وجذري من الجهات المسؤولة سيؤدي إلى نتائج كارثية على الاقتصاد المحلي في السويداء، خاصةً أن التفاح يُعدّ “العمود الفقري” للزراعة في المحافظة.
في ظل تراجع القدرة الشرائية الداخلية وصعوبة التسويق الخارجي، يطالب المزارعون بضرورة إيجاد حلول عملية لتصريف المحصول وتقديم دعم مباشر بالوقود والمواد الزراعية. ويبقى التفاح – رمز السويداء الزراعي – ضحية للأزمات المتلاحقة، فيما يواجه المزارعون مصيرًا مجهولًا لا يضمن لهم استرداد تكاليف تعبهم السنوي.
اقرأ أيضاً:السويداء منا وفينا.. حملة تتعثر أمام أسئلة الشارع السوري
اقرأ أيضاً:تراجع إنتاج الزيتون في حماة بنسبة 40% بسبب الجفاف وارتفاع الحرارة