تصاعد التوترات في سوريا: الشرع يواجه تحديات جديدة في تفاوضاته مع “قسد”
في مشهد يعكس تعقيد الأزمة السورية، كاد الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، أن يقع في فخ أخطائه بعد الهجوم الذي شنته قواته على حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، واللذين تسيطر عليهما قوات «الأسايش» الكردية. كما شنّت قوات الشرع عمليات عسكرية على جبهات دير حافر وريف حلب الشرقي ضد قوات «قسد»، في تصعيد متواصل للصراع بين الطرفين.
الشرع الذي وقع اتفاقًا مع قائد «قسد»، مظلوم عبدي، في 10 آذار الماضي، في محاولة للخروج من المأزق، يجد نفسه مجددًا في قلب أزمة متصاعدة بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق نار جديد. هذا الاتفاق، الذي فرضته الولايات المتحدة، لا يعدو كونه تهدئة مؤقتة تهدف إلى تجنب تفجر الأوضاع بين حكومة دمشق و«الإدارة الذاتية» الكردية.
تحديات تفاوضية كبيرة للشرع مع “قسد”:
بعد أشهر من التوترات والتهديدات المتبادلة، تمكّن الأمريكيون من إقناع عبدي بالعودة إلى طاولة المفاوضات في دمشق، إثر زيارة قام بها المبعوث الرئاسي الأميركي، توم براك، وقائد القيادة الوسطى الأميركي، براد كوبر، إلى الحسكة. هذه المحادثات تأتي في وقت حساس بعد تهديدات تركية وعسكرية ضد «قسد»، وسعي الشرع للالتفاف على «الإدارة الذاتية» من خلال محاولات الحوار مع المجلس الوطني الكردي المدعوم من تركيا.
لكن رغم هذه الضغوط، أكدت «الإدارة الذاتية» الكردية في بيانها الأخير تمسكها بمطلبها لحكم ذاتي على غرار كردستان العراق، وهو ما يتناقض مع طموحات حكومة الشرع التي تسعى للدمج الكامل للمناطق الكردية ضمن الجيش السوري.
دعم أميركي لـ “قسد” في مواجهة الضغوط العسكرية:
بينما تسعى «قسد» لتعزيز موقفها العسكري والسياسي، بدعم واضح من واشنطن، يواجه الشرع تحديات كبيرة في تنفيذ خطط دمج «قسد» في هيكل الدولة السورية. يزداد الوضع تعقيدًا مع التصعيد العسكري المستمر في المنطقة وزيادة التحشيد من جانب فصائل موالية لدمشق.
المطالب الكردية بالاحتفاظ بمناطق نفوذهم تحت مظلة حكم ذاتي يشكل تحديًا كبيرًا للشرع، ويهدد بتفاقم الأزمة بين المكونات المختلفة. وفي الوقت ذاته، يواصل الشرع تهديداته، مدعومًا من حلفائه في تركيا، بضرورة دمج «قسد» وإخضاعها للسيطرة المركزية السورية.
عوامل خارجية تؤثر في المشهد السوري:
تقول صحيفة الأخبار اللبنانية إن تحريض تركيا، لا يبدو أنه سينتج دعماً عسكرياً مباشراً للشرع في حال تورّطه في معركة مع «قسد»، وذلك لسببين: الأول، احتمال انهيار الاتفاق الهش أصلاً مع «حزب العمال الكردستاني» وقائده عبد الله أوجلان، ما يعني خللاً كبيراً في حسابات الرئيس رجب أردوغان السياسية والانتخابية؛ أما الثاني، فهو خشية تركيا من التدخل الإسرائيلي المباشر وضرب قوات الشرع والقوات التركية التي تسانده في حال اندلاع المواجهة.
فتل أبيب التي لم تضيّع فرصة التدخل في السويداء، لا يمكن أن تضيّع فرصة التدخل لصالح «قسد»، لتكون قد كسبت بذلك نفوذاً شبه كامل على الساحة السورية، خصوصاً أنها حصلت من الشرع على ما تريده من تنازلات من دون أن تضطر إلى توقيع أي اتفاق معه، وهي تبني على أخطائه لكي تكسب المزيد من الحلفاء.
مستقبل العلاقات السورية الكردية: تحديات وصراعات مستمرة:
الملف السوري يبقى عالقًا بين عدة مصالح دولية وإقليمية، وسط تعقيد الوضع بين حكومة الشرع و«الإدارة الذاتية»، إذ تتزايد التحديات العسكرية والسياسية، مع تداخلات من جهات إقليمية ودولية. وبينما يحاول الشرع تعزيز نفوذه في المنطقة، تستمر «قسد» في الحفاظ على مطالبها بحكم ذاتي، وهو ما يشير إلى استمرار صراع طويل في سوريا.
إقرأ أيضاً: الإدارة الذاتية تكشف النتائج الأولية لمباحثات قسد مع الحكومة الانتقالية في دمشق
إقرأ أيضاً: مظلوم عبدي خلال لقائه الشرع: نطالب بحكم ذاتي على غرار كردستان العراق