غزو المنتجات التركية للأسواق السورية: التحديات والفرص أمام المنتج المحلي
تشهد الأسواق السورية في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة في تدفق المنتجات التركية، ما يشكل تحديًا كبيرًا للمنتج المحلي. تزامن هذا مع سقوط نظام الأسد وتبني الحكومة السورية الانتقالية نهج اقتصاد السوق الحر، الذي فتح أبواب السوق أمام مختلف المنتجات الأجنبية، لا سيما التركية. هذا التوسع في الصادرات التركية يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات السورية، نظراً لأسعارها المنخفضة وجودتها المتفاوتة.
أنواع المنتجات التركية المتوافرة في السوق السورية
تتضمن المنتجات التركية التي تغزو الأسواق السورية العديد من البضائع الأساسية، مثل المعدات الصناعية التي لا تُنتج محليًا بكميات كافية أو بجودة تنافسية، بالإضافة إلى المنتجات الزراعية والصحية الضرورية لتلبية احتياجات الأمن الغذائي والصحي في سوريا. ووفقًا لخبراء الاقتصاد، فإن هذه الصادرات تُشكل تهديدًا واضحًا للمنتج السوري، إذا لم تُتخذ إجراءات حمائية فعّالة.
حجم التجارة بين سوريا وتركيا: توقعات ونمو الصادرات
في 27 أغسطس 2025، أشار رئيس مجلس المصدّرين الأتراك، مصطفى غولتبه، إلى أن حجم التجارة بين سوريا وتركيا قد يتجاوز ثلاثة مليارات دولار في الفترة القريبة القادمة. كما أكد رئيس لجنة سوريا في مجلس المصدّرين الأتراك، جلال كادوأوغلو، أن صادرات تركيا إلى سوريا ارتفعت بنسبة 49.3% لتصل إلى أكثر من 1.2 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مع توقعات بتجاوز حجم الصادرات التركية إلى ملياري دولار بنهاية العام.
تحول هيكلي في الاقتصاد السوري بسبب الاعتماد على الاستيراد
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم قوشجي أن الارتفاع الكبير في الصادرات التركية إلى سوريا لا يعد مجرد تبادل تجاري عادي، بل يُظهر تحولًا هيكليًا في الاقتصاد السوري، الذي أصبح يعتمد بشكل شبه كامل على المستوردات لتأمين مستلزمات الإنتاج، من المواد الأولية إلى المعدات الصناعية وقطع الغيار.
التحديات التي يواجهها المنتج المحلي السوري
حسب الدكتور إبراهيم قوشجي، تتمثل أهم المستوردات التركية في:
مستلزمات إنتاج حيوية مثل الآلات وقطع الغيار ومواد البناء، التي لا يُنتج منها كميات كافية أو بجودة منافسة محليًا.
مدخلات زراعية وصحية تشمل الأسمدة والمعدات الزراعية والمستلزمات الطبية، التي تعد أساسية لضمان الأمن الغذائي والصحي في سوريا.
عدم القدرة على التنافس: تأثيرات السلع التركية على الإنتاج المحلي
إحدى المشكلات الرئيسية التي يواجهها المنتج المحلي السوري هي أن المنتجات التركية تتوفر في الأسواق بأسعار أقل بكثير من المنتجات المحلية، مما يجعل من الصعب على المصانع السورية المنافسة. في هذا السياق، الخبير الاقتصادي محمد الحلاق يؤكد أن المنتجات التركية تتمتع بدعم حكومي يصل إلى 15%، بينما يفتقر المنتج السوري إلى الدعم الكافي، مما يخلق عجزًا في الميزان التجاري ويضر بالصناعة المحلية.
العجز التجاري وتأثيره على الاقتصاد السوري
أدى زيادة الاستيراد التركي إلى تفاقم العجز التجاري السوري الذي بلغ أكثر من 17 تريليون ليرة سورية، أي حوالي 1.56 مليار دولار. ويرى الدكتور إبراهيم قوشجي أن هذا العجز سيستمر في التفاقم ما لم يتم تطوير القدرة التنافسية للمنتج المحلي وزيادة الصادرات السورية.
السبل الممكنة لحماية المنتج المحلي السوري
في ظل هذه التحديات، يؤكد الدكتور قوشجي على ضرورة اتخاذ عدة إجراءات لحماية المنتج المحلي وتطوير قدراته التنافسية، مثل:
فرض رسوم جمركية ذكية على المنتجات التركية التي لها بديل محلي، مع إبقاء الاستيراد مفتوحًا للمستلزمات الإنتاجية الضرورية.
دعم حكومي مباشر للمنتجين المحليين عبر توفير قروض ميسرة، خفض الضرائب، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج.
فتح أسواق جديدة للمنتجات السورية عبر اتفاقيات تجارية ومعارض دولية.
إنشاء مناطق صناعية بشراكات محلية ودولية، مع بنية تحتية متكاملة لدعم الصناعة المحلية.
تحفيز الاستثمار المحلي من خلال تخفيض الضرائب، دعم الابتكار، وتحسين بيئة الأعمال.
دور الحكومة السورية في تحسين البيئة الاقتصادية
الخبير محمد الحلاق يشدد على أهمية خفض تكاليف الإنتاج في القطاع الصناعي السوري وزيادة الدخل الوطني عبر رفع الحصيلة الضريبية. من الضروري أن تعمل الحكومة السورية على فرض رسوم جمركية على المنتجات التركية بما يزيد تكلفتها بنسبة 5-10%، مما يساهم في تحسين القدرة التنافسية للمنتج المحلي.
التوجه نحو اقتصاد موجه: الحلول المستقبلية
خبراء الاقتصاد في سوريا يعتبرون أن التوجه نحو اقتصاد السوق الحر يجب أن يتم مع تنظيم حمائي يعزز المنافسة العادلة ويدعم المنتج المحلي. ويؤكد الخبراء على ضرورة وجود إعفاءات ضريبية و دعم حكومي واضح لتحفيز الإنتاج المحلي.
الحلول الموازية للتحديات الاقتصادية
الاعتماد الكبير على الاستيراد التركي يؤدي إلى تهديد المنتج المحلي السوري وزيادة العجز التجاري. ومن أجل تحسين الوضع الاقتصادي، يجب على الحكومة اتخاذ خطوات جادة لتطوير القدرة التنافسية للصناعة المحلية، دعم المنتجات السورية، وتنظيم الاستيراد بشكل يضمن الحفاظ على التوازن التجاري مع تركيا.
اقرأ أيضاً:موجة تظاهرات شعبية تضرب سوريا مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والإدارية