تخريب المساحات الخضراء في اللاذقية.. مسؤولية أفراد أم انعكاس لثقافة عامة؟

تواجه مدينة اللاذقية معضلة تتعلق بالحفاظ على المساحات الخضراء والحدائق العامة التي جرى تأهيلها مؤخراً ضمن حملة “اللاذقية نحن أهلها”، إذ سُجلت أعمال تخريب واضحة في عدد من المواقع تمثلت باقتلاع نباتات حديثة الزراعة، وتكسير مقاعد خشبية، وإتلاف أرضيات بعض الحدائق.

هذه السلوكيات أثارت استياءً واسعاً بين السكان الذين عبروا عن غضبهم عبر منشورات على صفحاتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أن ما يحدث يبدد الجهود المبذولة لتحسين صورة المدينة ويهدر الأموال والطاقات المخصصة لذلك.

مواقع متضررة

من بين أبرز المواقع التي تعرضت للتخريب دوار المحطة حيث اقتُلعت نباتات جرى زرعها حديثاً، إلى جانب تكسير مقاعد في مناطق أخرى، والعبث بحدائق عامة كانت قد أُدرجت ضمن خطة الصيانة الأخيرة.

مدير دائرة الحدائق في مجلس مدينة اللاذقية عادل زليطو أوضح أن هذه الممارسات تنسف جهوداً كبيرة تبذلها ورشات العمل لإعادة تأهيل المشهد العام. وقال في تصريح لموقع تلفزيون سوريا إن “عملية زراعة الأشجار والنباتات تمر بمراحل طويلة، بدءاً من تجهيز المساكب مروراً بالأكياس الصغيرة والكبيرة وصولاً إلى الزراعة النهائية في الشوارع والجزر الوسطية”.

وأضاف أن ذلك يتطلب نفقات مالية وأعمالاً متواصلة تشمل تأمين التربة والمبيدات والتعشيب، معبّراً عن أسفه لأن “بعض العابثين يدمّرون هذه الجهود في لحظة واحدة”.

إجراءات محدودة وإمكانات ضعيفة

حول الحلول الممكنة، بيّن زليطو أن المجلس يفتقر إلى الموارد الكافية لتركيب كاميرات مراقبة في الأماكن العامة، لكنه أشار إلى خطة بديلة تقوم على برامج توعية موجهة للأطفال والطلاب، ينفذها فريق مختص من خلال زيارات للمدارس وجلسات تثقيفية تشرح أهمية حماية الممتلكات العامة.

كما يجري العمل على وضع لافتات تحذيرية داخل الحدائق والدوارات للتنبيه من العبث بالنباتات والأشجار، رغم أن هذه الخطوات تبقى جزئية في ظل ارتفاع تكاليف الصيانة المستمرة.

آراء السكان: وعي ناقص وانتماء ضعيف

بين الأهالي، يرى عمر حسن، وهو أحد سكان المدينة، أن التخريب أصبح ظاهرة متكررة نتيجة غياب الوعي وضعف حس المسؤولية، داعياً المواطنين إلى القيام بدورهم في توعية أبنائهم وحثهم على الحفاظ على البيئة المحيطة.

ويشير حسن إلى أن المشكلة لا تنحصر في تدمير المقاعد أو اقتلاع النباتات، بل تشمل أيضاً النظافة العامة التي تعكس بدورها صورة المدينة كواجهة سياحية على البحر المتوسط تستقطب الزوار من مختلف المحافظات.

من جانبها، تعتبر هند، شابة من اللاذقية، أن القضية أعمق من مجرد تصرفات فردية، وترتبط بثقافة عامة نشأت خلال سنوات طويلة من الفوضى وغياب الشعور بالمسؤولية تجاه الملكية العامة. وتؤكد أن غياب منظومة تعليمية حقيقية تعزز قيم الانتماء والحقوق والواجبات ساهم في تكريس هذه الظواهر، مشددة على ضرورة وجود خطة متكاملة حتى لا تذهب جهود الترميم والإصلاح أدراج الرياح.

حملة “اللاذقية نحن أهلها”

تأتي هذه الحوادث في وقت تتواصل فيه الحملة التي أطلقتها محافظة اللاذقية بالتعاون مع منظمات مدنية، والتي شملت أعمال صيانة وترميم لعدد من المواقع مثل حديقتي الحرش والجمل على الكورنيش البحري، ودوار اليمين، إلى جانب حدائق وشوارع صغيرة في أحياء متفرقة.

ورغم استمرار الحملة، تظل التساؤلات مطروحة بين السكان: هل ستنجح الجهود بالحفاظ على ما تبقى من المساحات الخضراء باعتبارها المتنفس الوحيد للأهالي، أم أن ظاهرة التخريب ستبقي هذه الاستثمارات عرضة للهدر؟

اقرأ أيضاً:مرفأ اللاذقية يستقبل أول دفعة آليات تشغيلية حديثة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.