تحديات الصناعة الدوائية في حلب: بين الإنعاش والصعوبات الاقتصادية
تحديات الصناعة الدوائية في حلب: بين الإنعاش والصعوبات الاقتصادية
تواجه الصناعة الدوائية في حلب تحديات كبيرة في مرحلة حساسة من تاريخها، حيث يسعى القطاع لإعادة الإنعاش بعد سنوات من الحرب الطويلة، لكن الصعوبات الاقتصادية واللوجستية تظل عائقًا رئيسيًا أمام هذا الانتعاش. في الوقت الذي تعمل فيه معامل الأدوية في حلب بنسبة 75% من طاقتها الإنتاجية، لا يتجاوز تنوع إنتاجها 35% بسبب غياب التصنيع المحلي لبعض الزمر الدوائية.
أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في حلب
أبرز التحديات التي تواجهها الصناعة الدوائية في حلب تشمل صعوبة تأمين المواد الأولية اللازمة للإنتاج، وارتفاع تكلفتها في الأسواق العالمية، ما يؤدي إلى زيادة أسعار الأدوية في السوق المحلية. كما أن البنية التحتية المتضررة من الحرب كانت لها تأثيرات سلبية على جودة الإنتاج وكفاءته، حيث تعرضت العديد من المعامل لأضرار جزئية أو كلية، ما جعل بعضها في حاجة إلى صيانة مكلفة.
معوقات النظام السابق وتأثيرها على الصناعة الدوائية
بحسب العاملين في القطاع، كانت الصناعة الدوائية في حلب تواجه تحديات تنظيمية ومعوقات قانونية حتى قبل بداية الحرب، حيث كان النظام السابق يفرض احتكارًا على استيراد بعض المواد الأساسية، مما رفع أسعارها وعطل خطوط الإنتاج بشكل متكرر. هذا الوضع جعل الصناعة الدوائية أكثر هشاشة في مواجهة تداعيات الحرب والأزمات الاقتصادية.
أزمة المواد الأولية: الحلول الممكنة
أوضح أحمد كرمان، صاحب معمل أدوية في ريف حلب الغربي، لجريدة “عنب بلدي” أن ارتفاع تكاليف المواد الأولية وصعوبة تأمينها تُعدّ التحدي الأكبر أمام استمرار الإنتاج. كما أن عدم استقرار التيار الكهربائي في المدينة وتضرر خطوط الإنتاج بفعل الحرب يضاعف من الضغوط على المعامل.
وأشار بكري بصمجي، أحد العاملين في معمل للأدوية، إلى أن تقلبات سعر الصرف تزيد من الضغوط على المعامل وتؤثر سلبًا على خطط الإنتاج والتوزيع. كما تطرقت المداخلات إلى غياب صناعة أدوية السرطان في سوريا، مما يجعل المرضى يعتمدون على الأدوية المستوردة، التي تتسم بأسعار مرتفعة.
الطريق نحو التعافي: كيف يمكن للصناعة الدوائية أن تعود؟
من أجل تجاوز هذه التحديات، يرى العاملون في القطاع أن الحلول تبدأ بتوفير آليات استيراد واضحة وسريعة، إلى جانب دعم مباشر لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة. كما أن استقرار سوق الصرف يعد عاملًا أساسيًا لتحقيق استقرار تدريجي يمكن أن يُمكّن الصناعة الدوائية في حلب من تلبية احتياجات السوق المحلية بأسعار معقولة.
غياب صناعة أدوية السرطان: تحدي آخر
من أبرز التحديات التي تواجه الصناعة الدوائية في حلب هو غياب مصانع أدوية السرطان. وفقًا لرئيس دائرة الرقابة الدوائية في مديرية صحة حلب، محمد عبد الحافظ، فإن ارتفاع التكاليف الفنية والمالية لتشغيل خطوط إنتاج أدوية السرطان يجعل إنشاء هذه المصانع أمرًا صعبًا. كما أن تعقيدات تسجيل الشركات المنتجة في وزارة الصحة، إضافة إلى سياسات النظام السابق التي فرضت رسومًا مرتفعة، ساهمت في تعطيل هذه الصناعة.
غرفة صناعة حلب: مطالب القطاع الدوائي
خلال اجتماع غرفة صناعة حلب في أغسطس 2025، تم التطرق إلى أهمية تمويل خطط الإنتاج ومنظومات الطاقة الشمسية لتطوير الصناعة الدوائية. كما أُكد على ضرورة مراجعة المنظومة القانونية الناظمة للصناعة وتوسيع قاعدة الإنتاج لتسهيل عمل المعامل. في هذا الإطار، نظم مكتب الصحة ورشة عمل بعنوان “حلب مركز مستقبلي للصناعات الدوائية”، حيث تمت مناقشة الفرص المتاحة لتطوير الصناعة.
الورشة تؤكد على ضرورة تحسين الرقابة الدوائية
أكد المشاركون في الورشة على أهمية تحسين أداء الرقابة الدوائية في مديريات الصحة، تبسيط الإجراءات القانونية لتشجيع الاستثمار، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الدوائية في حلب. كما تم التركيز على ضرورة تحسين إمدادات الطاقة وحل مشكلة استيراد الأدوية الأجنبية التي تسهم في ضعف حضور المنتج الوطني.
التحديات والفرص
رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجه الصناعة الدوائية في حلب، مثل ارتفاع أسعار المواد الأولية، الاحتكار، وانقطاع الكهرباء، فإن هناك خطوات قابلة للتنفيذ نحو التعافي. ومن خلال التسهيلات القانونية وتطوير البنية التحتية، يمكن للصناعة الدوائية السورية استعادة دورها في تلبية احتياجات السوق المحلية، وتخفيف الأعباء على المواطنين.
اقرأ أيضاً:هل انتهاء صلاحية الدواء تعني عدم فعاليته؟