بعد وهم التحسن: الدولار يعود للارتفاع في سوريا
شكل الارتفاع الأخير في سعر الدولار صدمة قوية للمواطن السوري، خاصة بعد وعود الحكومة الانتقالية بتحسين الأوضاع المعيشية. ورغم زيادة الرواتب بنسبة 200%، التي كانت أحد الوعود التي تحققت، إلا أن صعود الدولار تزامن مع موسم العودة للمدارس وتجهيزات الشتاء، ما أرهق العائلات ماليا وقضى على أي آمال بالتحسن.
تحليل الأسباب الاقتصادية والنفسية
يرى الاقتصاديون أن انخفاض قيمة الليرة لم يكن مفاجئا. الصناعي تيسير دركلت، ، أوضح لجريدة “الأخبار” اللبنانية أن ارتفاع قيمة الليرة بعد سقوط النظام لم يكن نتيجة لواقع اقتصادي حقيقي، بل بسبب ارتياح سياسي.
وأضاف أن قوة العملة تعتمد على الصادرات والواردات، وهو ما يفتقده الاقتصاد السوري حاليا، مما أدى إلى تراجعها مجددًا.
من جانبه، يفسر الباحث الاقتصادي علي محمد، في حديث لـ”الأخبار”، هذا التراجع بعوامل متعددة: انخفاض السيولة النقدية، وقيود المصرف المركزي على السحب، وضعف الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة الطلب على الدولار لأغراض تجارية وشخصية، خاصةً مع الأحداث في جنوب البلاد.
كما تضيف وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي أن زيادة الرواتب بنسبة 200% رفعت السيولة النقدية دون أن تترافق مع زيادة في الإنتاج.
وأشارت إلى أن فقدان الثقة بالعملة المحلية، وتضارب السياسات، وضعف الإنتاج المحلي، والاعتماد على الاستيراد، كلها عوامل شجعت ارتفاع الدولار.
ويقدم المتخصص في السياسات النقدية والمصرفية عامر شهدا تحليلاً يربط ارتفاع الدولار بعوامل نفسية واقتصادية. فإعلان حاكم المصرف المركزي عن تبديل العملة دفع أصحاب المدخرات إلى استبدال الليرة بالدولار.
كما أن تراجع التصدير والاعتماد على استيراد السلع التركية أضعف القيمة الشرائية لليرة، بسبب الخلل الكبير في الميزان التجاري.
سبل الدعم المستقبلية
ترى لمياء عاصي أن استقرار سعر الصرف يتطلب تبني سياسات نقدية ومالية واقتصادية متكاملة.
وتشمل هذه السياسات: إدارة المعروض النقدي، وتوحيد سعر الصرف، ودعم الصادرات غير النفطية، وتشجيع التحويلات الخارجية عبر القنوات الرسمية.
في المقابل، يرى عامر شهدا أن تحقيق الاستقرار يبدو صعبا حاليا، لعدم وجود رؤية وأدوات مناسبة. ويؤكد أن البنك المركزي لا يمتلك احتياطيا كافيا من العملات الأجنبية للتدخل في ضبط سعر الصرف.
اقرأ أيضاً:سوريا على حافة الانهيار الاقتصادي وسط وعود دول الخليج المفقودة
اقرأ أيضاً:أول استطلاع رأي شامل في سوريا: نتائج القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاندماج الوطني