كيف يمكن لجيش منهك ومهزوم نفسياً وعسكرياً أن يمضي في حرب شاملة ضد قوى تمتلك من دفق القوة في شرايينها ما يجعلها تدك الأرض تحت أقدام العدو، وفي شعاب روحها ونفسها المقاومة تحتضن قوى جبارة نمت وتجذرت بكبرياء لا يعرف الهوان والذل وأي طعم للهزيمة على مدى سنوات كفاحها ضد طغيان الاحتلال الإسرائيلي.
الاحتلال هذه الأيام يلتفت يميناً وشمالاً ويود لو أن له عيوناً في الخلف، ويحدق نحو السماء عند سماع صوت الأزيز، فربما تعثر بصاروخ أو سقط على رأسه مئات الصواريخ، وهو يمد يده نحو الأمريكي في واشنطن طالباً المساعدة، فليس بمقدور المنهك المتعب المهزوم خوض الحرب الشاملة ولا حتى المحدودة ضد محور المقاومة، ولا حتى ضد عنصر منها دون الارتماء في حضن الأمريكي.
ويفكر قادة الاحتلال بمعادلات كثيرة للهروب بخوفهم نحو الأمام ومنها الهجوم الاستباقي، وهو لا شك سيؤدي على الفور إلى حرب إقليمية، لا يمكن للكيان خوضها ضد إيران وحزب الله دون الاعتماد على الولايات المتحدة.
ففي حال شنت “إسرائيل” حرباً استباقية، فسوف تتعرض مراكزها التي تعج بالمستوطنين، ومحطات الطاقة ومنصات الغاز والنقل والبنى التحتية الصناعية وقواعد جيش الاحتلال إلى هجمات يومية بآلاف الصواريخ والطائرات المسيرة
وكل التحليلات والوقائع ومجريات الأحداث تؤكد أنه ليس لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي قدرة على الاستجابة لحرب إقليمية، لا في الدفاع عن هذه البنى التحتية وغيرها، ولا في القدرة على مواجهة إيران وحزب الله.
وبما أن اعتماد “إسرائيل” على الولايات المتحدة هو اعتماد مطلق، فإن ذهاب “إسرائيل” في حرب إقليمية يعتمد بشكل مطلق على الولايات المتحدة، فليس لدى الكيان القدرة على الصمود في الحرب وحدها والانتصار في مواجهة استنزاف جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو أن الضوء الأخضر الأمريكي بهذا الخصوص غير وارد، فأمريكا تدرك عواقب هذا التهور الصهيوني.
“إسرائيل” أشعلت حرباً كبيرة في غزة والمنطقة، وهي تعلم علم اليقين أنها في وضعها الحالي، وفي جميع أوضاعها السابقة تعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة من أجل بقائها، فالإنهاك والنقص في الذخائر اللذين يعانيهما جيش الاحتلال الإسرائيلي، واضح وهو عنوان الهزيمة في غزة، فكيف سيكون حال الكيان عند مواجهة إيران وحزب الله في حرب شاملة.
ما حدث في غزة من هزائم للاحتلال غير مسبوق، وما سيحدث في المواجهة الواسعة للكيان مع حزب الله سيكون بلا أدنى شك أدهى وأمر على الاحتلال وغير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني في هزيمة الكيان بشكل مطلق، والمسؤولين الإسرائيليين يدركون أنّ أي حرب واسعة مع حزب الله في الوقت الحالي لن تكون مثل أي حرب أخرى خاضتها “إسرائيل” من قبل.
ناهيك أن الهزيمة النفسية تسري في عروق جنود الاحتلال، والتعب والإحباط في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي كبير، والاحتلال يدرك النقص في الذخائر الذي يعانيه، وليس بمقدور أضعاف قبابه الحديدة الصدأة مواجهة آلاف الصواريخ الواثقة والمبصرة نحو أهدافها.
والتقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الوقت الحالي ليس مثالياً لحرب شاملة وسط خسائر جيش الاحتلال في قطاع غزّة، وحالة التسلّح غير المثالية، واستعدادات حزب الله على جبهة الشمال التي يمسك بزمامها بكل قوة.
ومع مرور أكثر من أسبوع على جريمتي اغتيال الشهيدين شكر وهنية لا تزال “إسرائيل” في انتظارٍ مثيرٍ للأعصاب، وفي المؤسسة الأمنية تتفاقم معضلة الردّ، وهذا الانتظار هو جزء من رد حزب الله وإيران على الكيان وإجرامه.
والذي يؤرق الاحتلال هو أن إيران تمتلك طائرات من دون طيار وصواريخ باليستية لم يتم تصميم نظام القبة الحديدية الإسرائيلية لاعتراضها، كما يمتلك حزب الله ترسانة تضم عشرات الآلاف من قذائف الهاون والصواريخ والصواريخ الموجهة الدقيقة، وهي بذلك تحتاج إلى أكثر من القبة الحديدية لمواجهة وابل الصواريخ الكبير المنهمر فوق رأس الكيان.