الحرب تقرع أبواب النيجر.. باحث في الشؤون الإفريقية لداما بوست: لن تكون حربَ قوى عالمية بشكل مباشر
داما بوست | منى دياب
بعد ساعات من إعلان المجلس العسكري الانتقالي في النيجر وجود قوات في دولتين لم يحددهما، في إشارة تهددُ بالتريث قبل البدء بأي عملية عسكرية خارجية في النيجر، كشفت صحيفة “أسوشييتد برس” عن طلب نيامي الدعم من قوات فاغنر.
وفي التفاصيل، ذكرت “أسوشييتد برس” أن الطلب كان خلال زيارة قام بها الجنرال ساليفو مودي، أحد قادة الانقلاب، إلى مالي المجاورة، حيث تتواجد قوات فاغنر، وأكدت الصحيفة أن “فاغنر تدرس طلب قادة انقلاب النيجر” .
وجاءت التطورات بالتزامن مع انتهاء مهلة “إيكواس” بالتهديد بتدخل عسكري للإفراج عن بازوم وإعادة تنصيبه، حيث كانت المجموعة قد أمهلت العسكريين في 30 تموز/يوليو الماضي أسبوعا لإعادة بازوم إلى منصبه، واتخذت موقفا متشددا حيال الانقلاب.
رهانات الدول على النيجر:
وفيما تغرق النيجر في بحر النزاعات الدولية حول من سيكسب الرهان في السيطرة على ثروات هذا البلد الغني بالثروات، وسط تعويل دولي عليه، تظهر أنباء عن وجود تنظيم القاعدة والبدء بالاشتباك مع قوات فاغنر على حدود مالي والنيجر، حسبما تناولت مصادر إعلامية غير رسمية.
ويبقى الأمر ليس بعيداً إلى حد الشك، فخسارة فرنسا للبلد التي تعتمد على ثرواته لإنارة مدنها، لن يكون خسارة قليلة، عدا عن كون هناك أسباب كثيرة تدعو للقلق الغربي والأمريكي، وأشدها أن الانقلاب أودى بالحليف المباشر لهم “محمد بازوم” للاحتجاز، لتأتيَ سلطةٌ تنسجم بشكل مباشر مع توجهات روسيا، إذ تعد سلطة النيجر السابقة ذراعاً قوياً للغرب وسط أفريقيا في مواجهة التمدد الروسي في القارة.
الباحث في الشؤون الإفريقية “محمد عبد الكريم” أكد لداما بوست تعليقاً على طلب النيجر الدعم من فاغنر أنه “ليس مسألة مباغِتة بل متوقعة منذ الساعات الأولى للانقلاب”، ويرى الباحث “عبد الكريم” أن الأمور تتجه نحو تدخل عسكري، وإن في شكل عملية سريعة لاعتبارات قرب العاصمة نيامي جغرافياً من حدود نيجيريا وبنين بشكل كبير، على حد قوله.
وحول الحضور العسكري للغرب في إفريقيا وإقليم الساحل، شدد “عبد الكريم” على أن النيجر هي من أهم قواعد ارتكاز هذا الوجود، والذي يقوم على حد قوله على مبررات عدة منها: مواجهة الإرهاب والعنف المسلح في دول الإقليم المختلفة، وأضاف “عبد الكريم”.. “كان لافتاً توجيهُ جماعة نصرة الإسلام تحذيرات مطلع الأسبوع الجاري للحكومة النيجيرية حال تدخلها عسكرياً في النيجر من تدهور الأوضاع في الإقليم، تلاها الإعلان عن وجود أنشطة لتنظيم القاعدة على الحدود بين النيجر ومالي”.
تبرير التدخل العسكري الغربي في النيجر:
ولفت الباحث إلى أن ظهور تنظيم القاعدة والبدء بالاشتباكات بين المسلحين يمنح قيمة مضافة لتبرير أي تدخل عسكري إقليمي محتمل، والذي سيُعزز بتأهب عسكري غربي تخوفاً من أي تمدد روسي محتمل في النيجر أيضاً بعد رسوخ هذا النفوذ في مالي وبوركينا فاسو، على حد قوله.
لكن رغم توجيه الإعلام أصابع الاتهام نحو موسكو، قال “عبد الكريم”.. “لا توجد شواهد حتى الآن على وقوف موسكو وراء انقلاب 26 يوليو/تموز في النيجر، لكن من الطبيعي أن تستفيد روسيا بقوة من التطورات الجارية وكذلك من المقبولية الشعبية الهائلة التي يحظى بها الحضور الروسي في دول الساحل الإفريقي، أملاً في التحرر من هيمنة فرنسا المستمرة منذ عقود دون أن تحقق للشعب النيجري الحد الأدنى من تطلعاته”.
ويؤكد الباحث أن شعبية روسيا في الإقليم تزايدت منذ سنوات وليس في الأسابيع الأخيرة فقط، وأن الأمر لم يحدث بين ليلة وضحاها.
وحول احتمالية الحرب التي ممكن أن تنشأ بعد انتهاء مهلة “إيكواس” والتصعيد العسكري الذي يجري، أكد “عبد الكريم” أنه إن كان هناك حرب فستكون حرباً طويلة الأجل ومتعددة الأطراف خارج حدود النيجر نفسها، ويضيف.. “خروج فرنسا من النيجر سيتزامن مع دخولٍ اقتصاديٍ صيني بداية من قطاع التعدين وسيشمل لاحقاً، في حال حدوث مسار مغاير للحرب واستقرار الأمور في النيجر نسبياً، مشروعاتِ بنية أساسية في قطاع الطاقة وتشييد خطوط أنابيب لنقلها إلى الجزائر”.
ويرى الباحث أن هذه الأسباب هي مؤشرات يمكن أن تفسر الغضب الفرنسي العارم من انقلاب النيجر بعيداً عن المبررات السياسية التي دأبت باريس على ترديدها خلافاً لسياساتها العملية.
احتمالية الحرب عالية للغاية:
وختم الباحث “عبد الكريم” حديثه لداما بوست تعقيباً على آخر التطورات في النيجر، بأن احتمالية وقوع حرب هي احتمالية عالية، لكن غير معروفة الحجم، ومن الممكن أن تكون عملية خاطفة وبحجم قوات صغير نسبياً تستهدف على الأقل وقف أي نجاح متوقع لقادة الانقلاب في تغيير شكل الدولة في النيجر وسياساتها الخارجية.