انفصال بيسان ومحمود: محتوى سطحي وتأثير على الجيل
أثار خبر انفصال صانعي المحتوى بيسان إسماعيل ومحمود ماهر جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، متجاوزاً كونه مجرد شائعة عابرة ليصبح مادة للنقاش حول طبيعة المحتوى الرائج وتأثيره على الأجيال الشابة. يعكس هذا الحدث، الذي يمس فئة من الشباب غالباً ما تكون في أواخر سنوات المراهقة أو أوائل العشرينات (تقديراً، بيسان ومحمود يقعان في هذه الفئة العمرية تقريباً)، أزمة حقيقية في صناعة المحتوى العربي، تتجلى في التركيز على السطحية والدراما المصطنعة على حساب القيمة والفائدة.
محتوى قائم على العلاقة: فقاعة سرعان ما تنفجر
لم يكن محتوى بيسان ومحمود يقدم قيمة حقيقية تُذكر، بل اعتمد بشكل أساسي على توثيق علاقتهما الشخصية، ومشاركة تفاصيل حياتهما اليومية، والمزاح بينهما، وحتى خلافاتهما. هذا النوع من المحتوى، الذي يُسمى أحياناً بـ “المحتوى الواقعي” (reality content) أو “تدوين الفيديو” (vlogging)، قد يحقق مشاهدات عالية وشهرة سريعة لأنه يلبي فضول الجمهور ورغبته في “التطفل” على حياة الآخرين.
ولكن، وكما هي حال أي فقاعة، فإنها سرعان ما تنفجر. العلاقة الشخصية بطبيعتها متقلبة، والاعتماد عليها كمحور أساسي للمحتوى يجعل هذا المحتوى هشًا وعرضة للانهيار بمجرد اهتزاز هذه العلاقة. وعندما يحدث الانفصال، لا يجد صناع المحتوى أنفسهم فقط في مأزق شخصي، بل في مأزق مهني أيضًا، حيث يفقدون “مادتهم” الأساسية التي يعتمدون عليها.
التأثير على الجيل الجديد
الأخطر من كل ذلك هو التأثير على الجيل الجديد، وخاصة المراهقين والشباب الذين يتابعون هذا النوع من المحتوى بكثافة:
تشويه مفهوم العلاقات: يقدم هذا المحتوى صورة غير واقعية عن العلاقات العاطفية، حيث يركز على الدراما المبالغ فيها، والغيرة، والمشكلات السطحية، والعودة المتكررة. هذا يجعل الشباب يعتقدون أن العلاقات الصحية يجب أن تكون مليئة بالصراعات والتقلبات المستمرة، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على بناء علاقات ناضجة ومستقرة في المستقبل.
ثقافة الاستهلاك السطحي: يُعلّم هذا المحتوى الجمهور أن يقضي وقته في استهلاك محتوى لا يقدم أي قيمة تعليمية أو ثقافية أو حتى ترفيهية حقيقية. ينمّي فيهم عادة البحث عن الإثارة اللحظية والفضول الشخصي، بدلًا من البحث عن المعرفة أو المهارات أو التفكير النقدي.
القدوة الخاطئة: عندما يصبح صانعو المحتوى الذين يقدمون هذا النوع من المحتوى هم القدوة والمثال الأعلى لآلاف الشباب، فإننا أمام مشكلة حقيقية. يتعلم الشباب منهم أن الشهرة تتحقق بالجدل والمشكلات الشخصية، وليس بالموهبة أو الجهد أو القيمة المضافة.
التأثير على الصحة النفسية: المقارنات المستمرة مع “الحياة المثالية” التي يظهرها صناع المحتوى (حتى لو كانت مصطنعة)، والتعرض للدراما والخلافات، يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للمشاهدين، ويزيد من مستويات القلق والضغط لديهم.
دعوة للمراجعة والمسؤولية
هذا الحدث يدعو صناع المحتوى، وخاصة الشباب منهم، إلى مراجعة محتواهم والتوجه نحو تقديم ما هو هادف ومفيد. المحتوى الذي يستثمر في المعرفة، في المهارات، في الفن الأصيل، وفي التحفيز الإيجابي، هو المحتوى الذي يبقى ويصنع فارقًا حقيقيًا.
كما يدعو الجمهور، وخاصة أولياء الأمور، إلى مراقبة ما يشاهده أبناؤهم وتوجيههم نحو المحتوى الذي يثري عقولهم ويعود عليهم بالنفع، يجب أن نسعى جميعا لتعزيز بيئة محتوى رقمي أكثر مسؤولية وقيمة.
اقرأ أيضاً: هل يمكن أن ينتهي يوم في سوريا من دون “تريند” Trend؟