امتلاك شقة أصبح حلماً.. ارتفاع أسعار مواد البناء يزيد من جمود حركة بيع العقارات بحمص
داما بوست - عمار ابراهيم
عرفت مدينة حمص سابقاً برخص الأسعار فيها مقارنة بمثيلاتها من المدن الأخرى، حتى أطلق عليها الكثيرون لقب “أم الفقير” لعدة أسباب منها قدرة السكان على التبضع والشراء بما يتناسب مع قدرتهم الشرائية.
لكن هذا اللقب سقط عن المدينة لاحقاً مع بدء الحرب التي نالت حصتها الكبيرة منها، وبدأت الاسعار فيها بالارتفاع متأثرة بعدة عوامل بات الجميع يعرفها ويسمعها بشكل دائم من قبل المعنيين، من الحصار والعقوبات وسعر الصرف وارتفاع المحروقات وغيرها.
ومن بين القطاعات التي تأثرت سلبياً بتلك الارتفاعات كانت البيوع العقارية، ووصول أسعار الشقق السكنية إلى أرقام قياسية تفوق قدرة السواد الاعظم من الشباب المقبلين على الزواج، ما جعل امتلاك بيت بمساحة 70 متر فقط من بين الاحلام الكثيرة في بحر أمنيات كثيرة لا يمكن تحقيقها.
وشهدت أسعار مواد البناء مؤخراً ارتفاعات فلكية، ما أدى لتراجع الطلب على شراء الشقق بشكل لافت، وسط ارقام يدور الحديث عنها في المكاتب العقارية وتدب الرعب في سمع الشباب.
ووصل سعر شقة على الهيكل بمساحة لا تتجاوز 70 متر ضمن أحياء النزهة وعكرمة والارمن إلى 150 مليون وسطياً، قد تزيد معظم الأحيان بحسب الموقع وارتفاع الطابق السكني، بينما يزيد السعر في أحياء الحمرا والدبلان إلى ضعف هذا المبلغ.
ويمكن للباحثين عن شقة بسعر أقل أن يجد طلبه في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة، وبشكل خاص في حي الورود وضاحية الباسل ودير بعلبة والعباسية، إذ يمكن العثور على شقة بمساحة 75 متر بما يقارب 65 مليون ليرة.
أما الحديث عن الشقق الجاهزة للسكن مختلف بشكل كلي، إذ لا يمكن العثور على شقة مهما كانت مساحتها وموقعها بما يقل عن 100 مليون في الاحياء الشعبية البعيدة عن مركز المدينة، بينما وصل بعضها إلى مليار ليرة في أحياء الدبلان والوعر وعكرمة.
وتقل تلك الأسعار كلما ابتعد الراغب بالشراء عن مركز الوسط التجاري وتبدأ بالتناقص كما في أحياء وادي الذهب والزهراء والشوارع المحيطة بهما، كالمهاجرين وشارع بيت الطويل والأرمن، إذ تراوح سعر الشقة الجاهزة للسكن ما بين 200-350 مليون ليرة.
ورد المهندس فراس الخضر (خبير اقتصادي) خلال حديثه لشبكة “داما بوست” أسعار الارتفاع تلك إلى تكلفة تجهيز المتر المربع الواحد من مواد البناء واليد العاملة مع كل ما يضاف من أعباء مالية أخرى.
وقال “الخضر” إن: “سعر كيس الاسمنت الاسود الواحد وصل 125 الف، وسعر الطن الواحد واصل إلى الورشة يبلغ نحو 2.8 مليون ليرة والأبيض 230 ألف، ومتر الرمل 250 ألف والنحاتة 125 الف، بينما وصل سعر طن الحديد إلى نحو 13 مليون، والبلوكة الواحدة 7 آلاف ، وهو ما يجعل تكلفة إنشاء شقة بمساحة 75 متر تقارب 60 مليون ليرة.
وأضاف الخبير أن “أجرة اليد العاملة أصبحت مرتفعة أيضاً، حيث يتقاضى عامل الصب 50 آلف ليرة يومياً، وأجرة تلييس المتر الواحد 25 ألف، والتبليط 20 ألف، ورفع متر رمل إلى طابق واحد تقارب 50 ألف بواسطة الرافعة، أما فني الكهرباء يطلب 20 ألف للنقطة الواحد، والدهان يطلب مليون ليرة دون أي علاقة له بأسعار المواد.
وأشار “الخضر” إلى أن: “الأسباب المذكورة أدت إلى حدوث تراجع ملحوظ بحركة البناء منذ نحو عام ونصف، وأصبح العاملون في هذا المجال يعزفون عنه نظراً لقلة الطلب مقابل زيادة العروض وكثرتها وهو المعيار الأساسي في التجارة كما يعرف الجميع”.
أما آراء السكان الذين التقت بهم شبكة “داما بوست” فقد أجمعت على أنه بالكاد يستطيعون تأمين قوت الحياة، فكيف للشباب يشتروا شقة سكنية يبلغ سعر أرخصها قيمة راتبه كاملاً لمدة 10سنوات، وهو ما جعل الكثير منهم يعزف عن فكرة الزواج والاستقرار.