داما بوست | الهام عبيد
أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” قبل انتهاء صراعها مع روسيا سيؤدي إلى صدام مباشر معها، مشيراً في مقابلة له مع شبكة “سي إن إن” إلى عدم وجود إجماع في الناتو حول قبول أو عدم قبول أوكرانيا في الحلف حالياً.
وأوضح منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، “جون كيربي” أن أوكرانيا لا تفي بمتطلبات “الناتو”، مشيراً إلى “المادة 5” من ميثاق حلف شمال الأطلسي، والتي تنص على أن أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرف من “الناتو” هو عدوان عليهم جميعاً، ومِن حقّهم الردّ باتخاذ الإجراءات الضرورية، بما في ذلك استخدام قوة السلاح.
من جهتها تضغط أوكرانيا على حلفائها الغربيين للحصول على عضويتها، محذرة من أن عدم قبولها يعني أن خيار الحرب سيظل مفتوحاً، فروسيا لن توقف حربها إلا بانضمام كييف إلى “الناتو”، بحسب وزير الخارجية الأوكراني “دميترو كوليبا”.
واتهم الرئيس الأوكراني “فولوديمير زيلينسكي” أعضاء الناتو بالخوف من روسيا، معتبراً أن ذلك هو سبب رفضهم انضمام بلاده إلى “الناتو” متحدياً الحلف بقوله.. “لكني أظن أن هذه فرصة كبيرة لإظهار شجاعة الحلف وقوته”.
وانطلاقاً من تحدي كييف للناتو، يتساءل مراقبون ما إذا كان الغرب يسعى إلى صدام مع روسيا أم أنه خائف منها، ويؤكد المحلل السياسي غسان يوسف لـ “داما بوست” أن “الولايات المتحدة الأمريكية ترفض المواجهة مع روسيا، وبالتالي انضمام أوكرانيا إلى الناتو مستحيل في الوقت الراهن، ظانّاً أن تصريح “جو بايدن” ليس إلا مضيعة للوقت، وتأجيلاً حتى انقضاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ليقرر بعدها ما إذا كانت ستنضم كييف إلى الناتو أم يزيل التأزم من العلاقات بين موسكو وواشنطن”.
وتابع يوسف… “تتأرجح كفة خوف الغرب من مواجهة مع روسيا، لكن في الوقت نفسه فإن تصريح بايدن لم يحمل من الوضوح ما يجب”.
وتتباين الآراء داخل الحلف حول ضم كييف إليه، فالمستشار الألماني “أولاف شولتز” شدد على تعزيز القوة العسكرية لأوكرانيا بدلاً من مناقشة انضمامها إلى الناتو، على حين عبّر رئيس الوزراء الإسباني “بيدرو سانشيز” عن دعمه في “تعزيز المشاركة السياسية لأوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، بإنشاء مجلس الناتو وأوكرانيا لتفعيل التعاون العملي في قطاع الدفاع”.
وسبق أن قال أمين عام حلف الناتو “ينس ستولتنبرغ” إن “مستقبل أوكرانيا سيكون في الانضمام إلى الناتو”، من دون أن يحدد موعداً لتنفيذ ذلك، بيد أن الخارجية الروسية حذرت من كون التفكير في ضم كييف إلى الحلف “سيؤدي إلى تصعيد الصراع وليس إلى المفاوضات”.
في الجانب الآخر دعا الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” كلاً من روسيا وأوكرانيا للعودة إلى مباحثات السلام لإنهاء الحرب، مضيفاً أن أوكرانيا تستحق أن تكون عضواً في حلف “الناتو” في مباحثات أجراها مع نظيره الأوكراني في إسطنبول بعد أن زار الأخير تركيا ضمن جولة بدأها ببلغاريا وجمهورية التشيك.
وحول العلاقات الروسية التركية رأى المحلل السياسي غسان يوسف أن “تركيا دائماً ما تلعب على الحبال وتبسط أذرعها على الجبهات كافة، فهي إلى اليوم ترى المناطق التي ضمتها روسيا ما زالت أوكرانية سيما شبه جزيرة القرم، وبهذا يريد أردوغان أن يوازي أمريكا ويوجه رسالة إلى روسيا، بأن سياسة أنقرة لن تتأثر بالعلاقات الاقتصادية أو التحالفات الأخرى”، بحسب رأيه.
وعن تأثير تصريحات أردوغان الأخيرة حول العلاقات الروسية الأوكرانية ظن المحلل السياسي “أن موسكو ترى أنقرة حليفاً في سورية وأرمينيا وأذربيجان وقد يؤثر تصريحها سلباً في العلاقة بين البلدين، سيما أن الرئيس الأوكراني في لقاء نظيره التركي أكد أن بلاده ستستعيد السيطرة على شبه جزيرة القرم، وأنها منفتحة على التعاون مع تركيا في مجالات التصنيع العسكري وإنتاج الطائرات المسيرة وغيرها”.
من جهته أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، “دميتري بيسكوف” أن موسكو مهتمة بمعرفة ما تتوصل إليه محادثات الرئيسين التركي والأوكراني وتتابعها عن كثب، فتركيا بذلت جهوداً كبيرة وأدت دوراً وسيطاً في النزاع مع أوكرانيا.
ولفت “بيسكوف” إلى أن “الجانب الروسي لم يغلق الباب أبداً أمام عملية التفاوض، لكن التسوية السياسية والدبلوماسية في أوكرانيا لا يمكن الوصول إليها الآن، بسبب رفض نظام كييف هذا الاحتمال، وعدم الرغبة الواضح في مثل هذه العملية من الخارج، في المقام الأول واشنطن، والتي بالطبع، لها تأثير مباشر في قيادة نظام كييف”.