مسؤول أميركي سابق: سوريا تمرّ بأعمق نقطة تحوّل منذ نصف قرن
أكّد جون ألترمان، المسؤول الرفيع السابق في وزارة الخارجية الأميركية، أن سوريا تشهد اليوم أعمق تحوّل سياسي واجتماعي منذ أكثر من خمسين عاماً، وذلك بعد إسقاط النظام السابق، محذراً في الوقت نفسه من ضبابية المستقبل السوري.
وجاءت تصريحات ألترمان خلال شهادة قدّمها أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، حيث دعا إلى مقاربة أكثر فهماً وتفاعلاً من قبل الإدارة الأميركية تجاه التطورات الجارية في سوريا، مؤكداً أن تجاهل هذا الملف سيكون بمثابة “خطأ استراتيجي”.
مستقبل مفتوح على احتمالات متعددة
وأشار ألترمان إلى أن سوريا اليوم تقف على مفترق طرق، وسط احتمالات مفتوحة: من ديمقراطية ناشئة إلى ديكتاتورية جديدة، أو حتى ثيوقراطية أو فشل كامل للدولة، مطالباً بطرح أسئلة أساسية في واشنطن حول مستوى الاهتمام الواجب منحه لسوريا، وكيفية تشكيل مستقبلها، والوسائل الممكنة لتحقيق ذلك.
وأضاف أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتبع نهجاً جديداً في التعامل مع الملف السوري، يتمثل في تخفيض العقوبات وإعطاء القيادة الجديدة فرصة لإثبات جديّتها، لكنه تساءل ما إذا كانت هذه الخطوة تستند إلى استراتيجية مدروسة أم إلى تبسيط مفرط لتشابكات الوضع السوري.
واقع ما بعد الحرب وتحديات الداخل
واستعرض ألترمان واقع البلاد بعد حرب استمرت 15 عاماً، خلّفت بنية تحتية مدمّرة واقتصاداً مشلولاً يعتمد جزئياً على تجارة الكبتاغون التي نظمها النظام السابق. وأوضح أن القيادة الجديدة تركز حالياً على إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الداخلي، لكنها تواجه تحديات أمنية، أبرزها بقاء منتسبين سابقين للنظام وجماعات جهادية ضمن المشهد.
كما أشار إلى أن القيادة الجديدة في دمشق تتعامل مع العلاقات الدولية كأدوات لتعزيز سلطة الحكم، واستمرار تهديدات تنظيم “داعش”، ولو بفعالية محدودة.
مخاوف إقليمية وازدواجية في السياسة الأميركية
وسلط ألترمان الضوء على التوتر المتصاعد بين إسرائيل وتركيا، والذي قد يتفاقم بفعل ازدواجية الدور الأميركي، خاصة بعد تعيين مبعوث خاص إلى سوريا يشغل أيضاً منصب السفير لدى أنقرة، ما قد يؤدي إلى تضارب المصالح ويؤثر على التوازن الإقليمي.
وحذر من احتمال استخدام الأقليات السورية، التي تمثل نحو ربع السكان، كأدوات في صراعات النفوذ الإقليمي، داعياً إلى دعم التنوع الاجتماعي والشراكات المجتمعية لحماية وحدة البلاد والمصالح الأميركية.
القيادة الجديدة تحت المجهر
وفيما يتعلق بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، دعا ألترمان إلى عدم التسرع في إطلاق الأحكام، رغم وجود غموض في خلفيته وعلاقاته السابقة مع شخصيات متطرفة مثل البغدادي والظواهري والزرقاوي. وأكد أن تفسير هذه العلاقات قد يكون فكرياً أو تكتيكياً، إلا أن ذلك يجب أن يقابَل بسياسة اختبار واقعية ومدروسة.
دعوة لاستراتيجية أميركية متواضعة ومشروطة
اختتم ألترمان شهادته بالتأكيد على أن المشهد السوري سيزداد تعقيداً قبل أن يتحسّن، وأن الفرص الكبيرة لا تلغي وجود مخاطر عميقة، داعياً إلى اعتماد استراتيجية أميركية متواضعة، مشروطة، قائمة على التنسيق الفعّال مع الحلفاء، باعتبارها السبيل الأمثل لحماية المصالح الأميركية في سوريا والمنطقة.
إقرأ ايضاً: استثناء سوريا من حظر السفر يعكس تحولًا جذريًا في الموقف الأميركي