داما بوست- عمار ابراهيم| مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية وسوء الواقع الكهربائي، أرهقت أسعار قوالب الثلج أصحاب بعض المهن في حمص، ويبدو أن المواطن السوري لا يزال يتبع سياسة “دبر راسك” لمواجهة الكثير من عقبات الحياة اليومية، ويبحث أيضاً عن أفضل الحلول المتاحة أمام مشاكل وصعوبات العمل والمعيشة على حد سواء.
التقنين الكهربائي لعب دوراً سلبياً
في صيف قاس بدأ مبكراً لهذا العام، مصحوباً بارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية، فقد فرض التقنين الكهربائي على أصحاب المحلات والمواطنين البحث عن حل لتأمين المياه الباردة والثلج تجنباً للخسارة المادية وطلباً لبعض الماء البارد للشرب.
وأدى التقنين القاسي الذي تشهده البلاد إلى فساد المواد الغذائية الموجودة في المحال التجارية، والتي تحتاج إلى درجات حرارة منخفضة، كالألبان والبوظة على سبيل المثال، إضافة إلى تلك المحفوظة في براد المواطن من مختلف أصناف المونة التي غالباً ما كانت تنتهي في القمامة جراء فسادها.
تعددت المهن والمعاناة واحدة
وقال أبو يزن (صاحب محل مواد غذائية في حي كرم الشامي) خلال حديثه لـ “داما بوست” إنه يشتري يومياً 5 ألواح من الثلج لتبريد المياه أولا وحفظ اللبن بدرجة حرارة مناسبة كي لا يفسد ويسبب التسمم، وارتفع سعر اللوح الواحد إلى 13 ألف ليرة وقد يزيد بحسب الحجم، ما يعد عبئاً مالياً كبيراً وقع على كاهلنا”.
بدوره، أشار غدير (صاحب محل لبيع الفروج) في حي المهاجرين إلى أن: “الثلج أضيف إلى قائمة الهموم اليومية مع الارتفاع المتزايد بتكلفة شرائه من المعامل، كما كل السلع بطبيعة الحال، حيث أنه لا يمكن ترك الفروج دون تبريد كي لا تفسد اللحمة ونتعرض للمخالفة”.
وليس ببعيد عنه، أكد محمود (صاحب محل لبيع البوظة) أن: “البوظة تعد تجارة رابحة خلال فصل الصيف لاسيما مع خروج السكان مساء من بيوتهم والمشي خارجاً هرباً من حرارة المنازل، إلا أن انقطاع الكهرباء لمدة طويلة عكر صفو هذه التجارة، مع وجوب إبقاء البوظة باردة وجامدة وهو ما أضاف تكاليف إضافية عالية تقدر يومياً بما يقارب 45 ألف ليرة لتأمين الثلج”.
الأسباب والصعوبات
وتحدث علي (اسم مستعار، أحد العمال في معمل لإنتاج الثلج في حي الزهراء بمدينة حمص) لـ “داما بوست”عن أسباب ارتفاع أسعار قوالب الثلج خلال الفترة الحالية، مبيناً أن: ” تكاليف الإنتاج المرتفعة دفعتنا إلى رفع أسعار القوالب الكبيرة والصغيرة، حيث يترواح سعرها ما بين 10 للصغيرة، و 15 للقوالب الكبيرة.
وأضاف العامل أن: “تكاليف صناعة الثلج تضاعفت كغيرها من المواد الأخرى خلال الحرب لعدة أسباب وأهمها زيادة ساعات التقنين واللجوء حكماً الى المولدات التي تحتاج بدورها إلى المحروقات التي نعاني جدا بتأمينها، وبطبيعة الحال لا نربح تلك المبالغ التي يتخيلها البعض، فمع أجور النقل وتكلفة البانزين والمازوت لإبقائها مثلجة لا يبقى لي إلا مبلغ بسيط”، حسب تعبيره.
ماذا عن مصدر المياه والتسعيرة؟
ولفت مصدر في المؤسسة العامة لمياه الشرب بحمص لـ “داما بوست” إلى أن : “لا علاقة بتاتاً لمؤسسة المياه بهذا الموضوع، ويلاحظ انتشار هذه المعامل في الأماكن التي لايوجد بها شبكة مياه”، بينما أكد مصدر في مديرية الصحة أن: “المديرية تقوم بجولات رقابية على المياه بشكل عام كطبيعة عمل روتيني أو بناء على شكوى مقدمة من أحد المواطنين، وفي حال وجود أي شكوى يجب ابلاغنا عن مكان أو موقع وجود المعمل للتحقق من صحة وسلامة المياه والثلج المصنع “، أما عن تسعيرة قوالب الثلج فقال مصدر في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص إنه: “لا يوجد تسعيرة حالياً لهذه القوالب، وقانونياً يتوجب على كل صاحب فعالية القيام بدراسة تكلفة، وعند ورود أي شكوى من أحد المواطنين، نرسل دورية إلى المكان وننظم مخالفة بحق صاحب الفعالية في حال عدم قيامه بدراسة التكلفة”.
هذا وتحول البراد في الكثير من منازل السوريين إلى “نملية”، وهو مصطلح شعبي يعرفه أبناء التسعينات، ويطلق على خزانة خشبية اعتمد عليها في حفظ للطعام دون حاجتها للتيار الكهربائي الغائب عن منازلهم معظم فترات اليوم.