داما بوست-منهل إبراهيم| رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مأزق سياسي وعسكري، فوقف إطلاق النار في غزة يعني أن الأخير لم يحقق “النصر الكامل” المزعوم على حركة “حماس”، وهو أحد هدفيه الرئيسيين في الحرب المجنونة على قطاع غزة، والهدف الثاني هو تحرير الأسرى، وهو ما لم يحققه نتنياهو أيضاً.
وفي عز مأزقه الداخلي، تظاهرت عائلات وأنصار الأسرى الإسرائيليين، وأغلقت الطرق الرئيسية لمطالبة “إسرائيل” بإبرام صفقة لإعادتهم إلى ديارهم، ما زاد الطين بلة وعبّد الطريق بالوحل أما نتنياهو.
وتحظى عائلات الأسرى بدعم في حكومة الحرب من بيني غانتس وغابي آيزنكوت، وهما من زعماء المعارضة الذين انضموا إلى الحكومة بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وقد يغادرون الحكومة إذا بقي الأسرى في أماكنهم في غياب وقف إطلاق النار.
ويريد الأمريكيون أيضاً التوصل إلى اتفاق، فدعم الرئيس جو بايدن لـ “إسرائيل”، حتى عندما قتل جيشها المحتل أعداداً كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، كان واضحاً ، ولكن بات الأمر مزعجاً لواشنطن مع تزايد المظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأمريكية.
وبعد أشهر من المحادثات الصعبة المتقطعة بين المقاومة والكيان والوسطاء، حان الوقت لاتخاذ قرارات صعبة.
وافقت حركة “حماس” على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار، وهو “بعيد كل البعد عن تلبية مطالب إسرائيل”، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وما زال يشعر أنه من الضروري إرسال وفد لمناقشة الأمر.
ووافقت “إسرائيل” على عرض وقف إطلاق النار في نهاية نيسان الماضي، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الأمر “سخي بشكل استثنائي”.
ويُعتقد على نطاق واسع في “إسرائيل” أن نتنياهو يريد إطالة أمد الحرب على غزة لتأجيل لحظة الحساب التي تنتظره لدوره في الأخطاء التي أعطت حركة “حماس” الفرصة في 7 أكتوبر/تشرين الأول للهجوم على مواقع الاحتلال وقتل حوالي 1200 شخص، واحتجاز 240 أسير في قطاع غزة.
لقد أظهرت هذه الحرب مرة أخرى مدى الصعوبة التي تواجهها “إسرائيل” في إلحاق الهزيمة بحماس، وبالنسبة لحماس، البقاء يعني النصر، وبنيامين نتنياهو يعلم أن ذلك سيكون هزيمة بالنسبة له.
وبينما حذرت “إسرائيل” نحو 100 ألف فلسطيني وطالبتهم بمغادرة منازلهم، قال وزير حربها يوآف غالانت لنظيره الأمريكي إنه لا يوجد بديل للهجوم على رفح.
لاشك أن نتنياهو في مأزق سياسي، لقد اتسم أسلوبه في الحكم على مدى أكثر من 16 عاماً كمتزعم لـ “إسرائيل” بعادة تأجيل الخيارات الصعبة.
لكنه الآن يتعرض لضغوط شديدة، من كل جانب، ومهما كان اللعب على كسب الوقت مغرياً، فهذه هي لحظة اتخاذ القرار.
ويأتي الضغط الأكثر شدة من اثنين مما يسمون بالمتطرفين اليهود القوميين في حكومته وهما وزير المالية بتسلئيل سموتريش، والمدعو إيتامار بن غفير، وزير ما يسمى بالأمن القومي الصهيوني.
ويحتاج نتنياهو إلى أصواتهما لإبقاء ائتلافه في السلطة، وهما يريدان أن تحتل “إسرائيل” رفح وهددا بإسقاط الحكومة إذا لم يحدث ذلك.. بالنسبة لهما، وقف إطلاق النار يعني الاستسلام.