داما بوست – كلير عكاوي| سبع سنوات وتسعة أشهر من العمل بلفّ المحرّكات الكهربائية في مطحنة السلمية – حماة، قضتها السيدة غصون إدريس التي لُقّبت بالمرأة النحاسية.
ولم تمنع التّحديات المرأة النحاسية من العمل في مهنة كانت حكراً على الرجال بالصورة النمطيّة، بل واجهت ظروفها وحظيت بهذه الوظيفة من خلال مسابقة كونها أم لشهيد فارقها منذ عام 2013 في الرقة.
وروت أم الشهيد التي تبلغ من العمر (61 عاماً) ابنة محافظة حماة ل “داما بوست” عن طبيعة عملها بالمطحنة، وكل ما واجهته في تلك السنوات بعد مرور مدة زمنيّة قصيرة على تقاعدها.
وقالت “إدريس”: “أنا من اخترت اللحاق بقسم لفّ المحرِّكات الكهربائية بدلاً من العمل الإداري، لأنّي أؤمن بأن المرأة قويّة وتستطيع العمل في كل المجالات بإصرارها ومساعدة من حولها”. وأوضحت “إدريس” أن “المحركات الكهربائية مختلفة الأحجام، حيث تتخطّى استطاعة الضخمة منها 40 حصاناً”.
وأضافت العاملة: “بعد قصّ المحركات، أختار حجم المحرّك الذي يريحني لأضع بداخله الملفّات”. وأضافت: “أعمل على تنظيف المحرّك، وعزله، وتوصيله بالأسلاك الكهربائية، ثم خياطتها، وصولاً إلى جفافه بعد إخراجه من الفرن، ثم نفحصه للتأكد من عودته للعمل”.
وكانت تبدأ السّيدة غصون عملها من الساعة السابعة إلى الثانية ظهراً، في محاولة منها الموازنة بين عملها ومنزلها بمساعدة أولادها و زوجها. ولم يكن هناك تمييز بين الرجل والمرأة في بيئة عملها، لا من ناحية الأجور، ولا من أي ناحية معنوية، قائلة: “ساعدوني وتعاونوا معي ودعموني بكل محبة”. ولُقّبت “إدريس” بالمرأة النحاسية لأنها أتقنت هذا العمل رغم التحاقها به في سن ال 54، قائلة: “حمّلني اللقب مسؤولية كبيرة، ودفعني للعمل بجد ومتعة”.
وقالت: “بالرغم من صعوبة العمل، إلا أنني قدّمت مثلما يقدّم الرجل وأكثر، ولم أتعرّض لأيّة انتقادات، بل كنت مُحاطة بالتقدير من أسرتي واولادي”.
ولم تكمل “إدريس” دراستها بسبب سوء الأحوال المادية، ثم تزوّجت وأنجبت خمسة أولاد، استشهد واحد منهم، وأكبرهم تعلّم، ثم توظّف في المصرف التجاري بحماة. ولدى المرأة الستينيّة ابنة تعمل في السورية للتأمين، وأختها مازالت تدرس في المقاعد الجامعية بالهندسة الزراعية، ومثلها اخيها الذي يكمل دراسته في الطب البيطري.
ووجّهت “إدريس” نصيحة لكل انثى في اليوم العالمي للمرأة، قائلة: “أنت قادرة.. ولا يوجد مهنة تصعب عليكِ.. وعند وجود رجل في حياتك عليكِ الاتحاد معه يداً بيد، لأن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة.. ووراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم”.