مؤسسة المفقودين في سوريا: البحث عن مئات الآلاف مسؤولية جماعية بقيادة سوريا
أكدت رئيسة مؤسسة المفقودين في سوريا، كارلا كوينتانا، أن جهود الكشف عن مصير مئات الآلاف من المفقودين في البلاد هي “مسعى جماعي” تقوده العائلات السورية ولا يمكن لأي جهة القيام به بمفردها.
في حوار خاص مع “أخبار الأمم المتحدة”، أوضحت كوينتانا أن المؤسسة التي أُنشئت بفضل إصرار العائلات السورية وتفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعمل على البحث عن جميع المفقودين في سوريا وأثناء الفرار منها، بغض النظر عن هويتهم أو الجهة المسؤولة عن اختفائهم. كما أعربت عن إعجابها الكبير بقوة المرأة السورية في هذا المجال.
تفويض المؤسسة ومسارات التحقيق
أشارت كوينتانا إلى أن المؤسسة حديثة العهد، أُنشئت منذ عامين بتفويض واسع يشمل البحث عن كل مفقود في سوريا، ودعم العائلات والناجين. ويستعرض تقرير الأمين العام الأخير التقدم المحرز في التعاون مع العائلات والسلطات ومنظمات المجتمع المدني.
كشفت رئيسة المؤسسة عن فتح مسارات تحقيق محددة تستند إلى معلومات قيمة، تشمل:
- الأشخاص الذين اختفوا قسراً على يد النظام السابق.
- الأطفال المفقودين (الذين ربما أصبحوا الآن شباباً).
- حالات الاختفاء التي ارتكبها داعش.
- حالات المهاجرين المفقودين.
- حالات الاختفاء التي وقعت بعد 8 كانون الأول/ديسمبر (تاريخ سقوط النظام).
وأكدت أن وجود هذه المسارات لا يمنع النظر في أنواع أخرى من حالات الاختفاء.
البحث مسؤولية جماعية بقيادة سورية ودعم دولي
شددت كوينتانا على أن الدول الأعضاء تولي أهمية خاصة للقضية، وأن المؤسسة فريدة من نوعها لكونها نشأت بضغط من العائلات.
وأوضحت أن البحث عن المفقودين مسعى جماعي لا يستطيع أحد تنفيذه بمفرده، خاصة مع وجود مئات الآلاف من المفقودين.
وخلصت إلى أن العملية “يجب أن تكون بقيادة سورية ودعم دولي”، حيث تقدم المؤسسة الخبرة والمهارات والموارد لمساعدة جميع السوريين في عملية إعادة بناء بلادهم والعثور على أحبائهم.
تحديات الخبرة وتبادل البيانات
في حديثها عن الاستفادة من الخبرات الدولية، أكدت كوينتانا أن تجارب دول مثل المكسيك وكولومبيا وغيرها تتيح للمؤسسة معرفة المنهجيات الفعالة وتجنب الأخطاء السابقة، مشددة على أن “التجربة المكسيكية أو تجربة أمريكا اللاتينية ليست التجربة السورية”.
أشارت إلى أن أكبر التحديات هي المعلومات، فالحصول على البيانات يتطلب ثقة العائلات والوصول إلى الوثائق الرسمية. وأكدت أن مشاركة وحماية البيانات أمران حاسمان، وأن العمل معاً وكشف ومشاركة المعلومات هو السبيل لربط النقاط والعثور على المفقودين.
التعاون مع السلطات والملف اللبناني
أكدت كوينتانا أن مهمة المؤسسة تشمل البحث عن المفقودين على يد مختلف الجهات الفاعلة والجماعات المسلحة، بما في ذلك داعش. وتواصلت المؤسسة مع السلطات السورية والهيئة الوطنية للمفقودين، وعرضت دعمها في البحث عن الأشخاص الذين فُقدوا قبل وبعد 8 كانون الأول/ديسمبر.
وفيما يتعلق بملف المفقودين اللبنانيين في سوريا والسوريين المفقودين أثناء فرارهم عبر لبنان، أكدت المؤسسة تعاونها مع السلطات اللبنانية ووزارة العدل واللجنة الوطنية اللبنانية للبحث عن المفقودين.
الأمل في العثور على أحياء والعمل مع العائلات
شددت رئيسة المؤسسة على أن المبدأ الأول للبحث هو افتراض أن المفقودين أحياء ما لم تثبت المعلومات العكس، مؤكدة أن المؤسسة لا تزال تبحث عن ناجين بعد سقوط النظام. وتعمل المؤسسة بوحدة طب شرعي في ملف الأشخاص الذين قد يكونون قد لقوا حتفهم.
إلهام قوة المرأة السورية
قالت كوينتانا إن ما يثير إعجابها دائماً هو “قوة النساء”، خاصة النساء السوريات اللواتي يبهِرن الجميع بمثابرتهن في البحث عن أحبائهن وقوتهن في مواجهة الفقد والتحديات. واستذكرت اجتماعاً مؤثراً في داريا مع نساء لم يسبق لهن الالتقاء بمنظمات دولية، حيث كانت قصص الأمل لديهن واضحة.
واختتمت رسالتها لهؤلاء النساء بالقول: “نحن هنا من أجلهن. لسنا نحن من يرافقهن في البحث عن المفقودين، بل نحن نرافقهن بالمعرفة التي نملكها. علينا أن نقدم لهن معرفتنا ومهاراتنا لمساعدتهن في إيجاد الإجابات والكشف عن الحقيقة.”
اقرأ أيضاً:وزير الطوارئ: عدد المفقودين في سوريا يتجاوز 140 ألفا
اقرأ أيضاً:مغادرة وزير العدل الأسبق تثير جدلاً واسعاً حول مصير العدالة الانتقالية في سوريا