في مشاهد متكررة ومثيرة للتساؤل، بات الحضور الوزاري في الفعاليات العامة في سوريا الجديدة يخرج عن المنطق القطاعي، ويتحول إلى ما يشبه جولات استعراضية تحت مظلة “البروتوكول”، حتى وإن غابت الصلة المباشرة بين الوزير والحدث.
السيارات للثقافة؟
يوم أمس، ظهر وزير الثقافة السوري على رأس الحضور الرسمي في افتتاح معرض “موتوريكس” للسيارات. الوزير الذي من المفترض أن يحمل همّ المشهد الثقافي المأزوم، كان يتجول بين السيارات الفارهة، ويجرب قيادتها، في مشهدٍ بدا أقرب إلى فقرة ترويجية لا تليق بطبيعة الحقيبة الوزارية التي يحملها.
الصحة يقرأ؟
وفي اليوم التالي، حضر وزير الصحة حفلاً رسمياً لتكريم بطلة “تحدي القراءة العربي” في موسمه التاسع. ورغم أهمية الحدث من ناحية رمزية وثقافية. إلا أن علامات استفهام تطرح حول ما إذا كان هذا الحضور ناتجًا عن فراغ مؤسساتي أم عن مزاجيات وزارية وبروتوكولات غير واضحة.
الخارجية في مواجهة الاقتصاد
وفي مشهد ثالث، التُقطت صورة ختامية لمؤتمر استثماري بارز يُعقد في دمشق، يظهر فيها وزير الخارجية السوري إلى جانب شخصيات دولية، أبرزها المبعوث الأمريكي الخاص، في حين يغيب وزراء الاقتصاد والسياحة والصناعة، وهم الجهات المعنية مباشرة بجذب الاستثمارات وإعادة الإعمار. هذا التوزيع غير المتوازن للحضور الرسمي يفتح الباب مجددًا أمام التساؤلات: من يُخطط لبروتوكول الدولة؟ ومن يحدد من يحضر ومن يغيب؟
ارتباك أم تعويم؟
يرى محللون أن هذا التخبط في التمثيل الوزاري قد يكون ناتجًا عن غياب رؤية مؤسساتية واضحة، أو حتى محاولة لإبراز أسماء وزارية معينة على حساب الأداء التخصصي. البعض يذهب إلى اعتبار هذا الحضور العشوائي نوعًا من “التعويم السياسي” داخل الحكومة الانتقالية، بينما يعتبره آخرون مجرد خلل في التنسيق أو ضعف في الفعل الحكومي.
الدولة ليست بروتوكولاً
في دولة تعيش مرحلة انتقالية حساسة، وتواجه تحديات إعادة الإعمار والاستقرار السياسي، يُفترض أن تكون الصورة الرسمية منضبطة، وأن يحضر كل وزير في موقعه الطبيعي، لا أن يتنقل بين الفعاليات بلا صلة حقيقية، في مشهد يبدو وكأنه مصمم أكثر للاستهلاك الإعلامي منه لخدمة الشأن العام.
ما يزيد من تعقيد المشهد أن العديد من وزراء الحكومة الانتقالية لا يملكون خبرة أو خلفية حقيقية في مجالات وزاراتهم، ما يجعل حضورهم في فعاليات لا تمتّ بصلة إلى مهامهم الأساسية انعكاساً طبيعياً لوضع غير مؤسساتي. فحين يُكلّف وزير غير مختص بملف حيوي، لا يُستغرب أن يبحث عن دوره في أماكن أخرى، حتى لو كان ذلك بعيداً عن صلب عمله. وفي وقت يُفترض فيه أن تُمثّل الوزارات مراكز ثقل تخصصية تُدار بكفاءة، باتت بعض الحقائب تُدار بمنطق الظهور لا الإنجاز، وهو أمر يضع علامات استفهام عميقة حول جدية المرحلة الانتقالية وقدرتها على خلق نموذج حكم فعّال وواضح المعالم.
إقرأ أيضاً: وزير الثقافة يطل بخطاب وصف بالطائفي ويثير غضباً عارماً!
إقرأ أيصاً: قبول المهندسين السعوديين في نقابة المهندسين السوريين يثير جدلاً بين السوريين