يتراجع مبيع الرز في مختلف المحال التجارية والأسواق، نظراً لارتفاع سعره بشكل يضعه على قائمة الاستغناء بالنسبة للعديد من الأسر والأشخاص، الذين كان يشكل الأرز أحد أهم مكونات طعامهم بشكل يومي، حيث تؤثر كلفة الاستيراد في ارتفاع الأسعار وتدفع باتجاه استبدال المستورد بمكونٍ ينتج محلياً كالبرغل.
ووصل سعر كيلو الرز القصير العادي في الأسواق السورية إلى نحو 22 ألف ليرة، في حين أن رز الكبسة والرز الطويل والرز الذهبي باتت أسعاره تحلّق في فضاء السلع الصعبة المنال، حيث لامس سعر الكيلو الواحد منه الـ 30 ألف ليرة سورية، ليفوق قدرة كثير من المواطنين على شرائه، خصوصاً مع انخفاض قيمة الليرة وارتفاع تكاليف المعيشة.
تفاوت سعري واضح
في هذه الظروف، يبحث المستهلكون عن بدائل أرخص وأكثر توفّراً من الرز، ومنها مادة البرغل، التي تستعد المؤسسة السورية للتجارة لزيادة المخصصات منها عبر صالاتها حتى تصبح 10 كيلو لكل مواطن، مع بقاء كمية الرز على حالها عند 1 كيلو فقط، في خطوةٍ ألمحت إلى فكرة الاستبدال الفعلي بين المادتين.
وتبيع “السورية للتجارة” مادة البرغل في صالاتها بسعرٍ 5500 ليرة للكيلو الواحد، في حين أن سعره في الأسواق الخارجية يتراوح بين 9000 و12 ألف ليرة بحسب الشركة المصنعة، فيما بلغ سعر الكيلو غير المختوم منه (الفرط) نحو 7000 ليرة في بعض الأسواق والمحال الشعبية.
ويُعدّ هذا الفارق بين سعري البرغل والرز مهماً بالنسبة للمستهلكين ذوي الدخل المحدود، الذين يبحثون في هذه الأيام عن أرخص وسائل المعيشة، الأمر الذي دفع بعض العائلات، وخصوصاً في القرى، إلى تخزين كميات كبيرة من البرغل تحسّباً من فقدان الأرز في الأسواق أو استمرار سعره بالارتفاع.
البرغل بديل للرز!
من خلال مقارنة الخصائص الغذائية للبرغل والرز، يظهر أن البرغل يتفوق على الرز في معظم الجوانب، فهو أغنى بالألياف والبروتين والفيتامينات والمعادن، وأقل في السكريات والصوديوم، كما أنه يساهم في تحسين صحة الجهاز الهضمي وخفض نسبة الكولسترول والسكر في الدم، ويعطي شعوراً بالشبع لفترة أطول.
لكن على الرغم من ذلك، فإن اعتبار البرغل بديل للرز بشكل تام قد يواجه صعوبات عدة، منها الثقافية والنفسية والعملية، فالرز يُعدُّ من المواد الغذائية التي ترتبط بالثقافة والتقاليد والذوق في سورية، ولا يُمكن استبداله بسهولة بمادة أخرى، فهناك العديد من الأطباق التقليدية التي تحتوي على الرز كمكوّن أساسي أو مرافق، مثل المحاشي والكبسة والشاكرية والفاصولياء وغيرها.
كما أن نسبة كبيرة من المستهلكين لديهم ذوقاً مغايراً ولا يحبذون طعم البرغل أو القوام أو الشكل لهذه الأطباق، وفي حال اضطرارهم لتناول البرغل بدلاً من الرز فقد يشعرون بالحرمان أو الإحباط أو الضيق، نظراً لكونهم أضافوا مادة جديدة إلى قائمة المواد التي يستصعبون الحصول عليها.
مؤشرات جديدة
تقول “بتول” 23 عاماً وهي طالبة في السكن الجامعي بدمشق لـ “داما بوست”.. “لا يمكن أن يكون البرغل بديل للرز، كلاهما صنفين مختلفين وأي حديث عن استبدال أحدهما بالآخر يعتبر خارج المنطق، صحيح أن سعر الرز أصبح غالياً لكن يمكن معاملته معاملة الفروج واللحوم، أي أننا نشتريه بكميات قليلة عندما نحتاجه لطبخ أكلات معينة”.
بدورها، تشير “مشلين” 35 عاماً وهي ربة منزل من طرطوس لـ “داما بوست” إلى أنها فكّرت باستبدال الأرز بالبرغل في بعض الأطباق كاليالنجي ومحاشي الكوسا، لافتةً إلى إمكانية طبخه إلى جانب العديد من الأكلات الأخرى كالبامياء والفاصولياء وحساء البطاطا والبصل أو حساء الطماطم، معتبرةً أنه أمر يمكن التأقلم عليه مع مرور الوقت.
ويؤكد “أحمد” 42 عاماً وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في دمشق لـ “داما بوست” أن إقبال المواطنين على شراء الرز تراجع بشكلٍ ملحوظ بعد ارتفاع أسعاره، مبيناً أن وتيرة شراء البرغل ما تزال كما هي عليه، لافتاً إلى وجود إقبال على شراء البرغل غير المعبّأ (الفرط) بدرجة أكبر مما كانت عليه في السابق.