يشكو سكان في مناطق سورية متفرقة من تفشّي ظاهرة سرقة الدراجات النارية، التي باتت تُعَدّ وسيلةً أساسية يعتمدون عليها في تنقلاتهم اليومية وقضاء شؤونهم الحياتية، نظراً لانخفاض تكلفتها وسهولة استخدامها مقارنةً بوسائل النقل الأخرى.
وقد ساهمت هذه الظاهرة في تفاقم مشكلات اجتماعية واقتصادية لدى الأهالي، لا سيما ذوي الدخل المحدود والفئات الفقيرة غير القادرة على تأمين وسيلة نقل بديلة، الأمر الذي أدى إلى تعطيل مصالحهم اليومية وزيادة أعبائهم المعيشية.
أسباب الظاهرة: اقتصادية وأمنية واجتماعية
تشير مصادر محلية إلى أن عدة عوامل ساهمت في انتشار ظاهرة سرقة الدراجات النارية، من أبرزها: ضعف الأوضاع الاقتصادية لدى السكان وازدياد الأعباء المعيشية عليهم، إلى جانب غياب الرقابة الأمنية في بعض المناطق أو ضعفها. كما يُعدّ انتشار البطالة بين الشباب وعدم توفر فرص عمل دافعاً رئيسيًا دفع ببعضهم إلى اللجوء للسرقة، في ظل سهولة سرقة الدراجة النارية مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
وتُضيف المصادر أن السرقة لا تكون دائماً عشوائية، بل في كثير من الحالات تكون مخططاً لها مسبقاً، حيث يُراقب السارق تحركات صاحب الدراجة، ويعرف أوقات خروجه من المنزل، وأماكن وقوف الدراجة المعتادة. وفي المقابل، تحدث بعض السرقات بشكل عفوي أو بالصدفة، حين يجد السارق فرصة سانحة.
قصص المعاناة: تأثير مباشر على الحياة اليومية
يروي أبو محمد، وهو نازح يقيم في بلدة دير حسان بريف إدلب الشمالي، تجربته المريرة: “سرقت دراجتي في وضح النهار، من أمام المنزل. كنت قد أغلقت الباب وركنت الدراجة كما أفعل دائماً، ثم دخلت لأداء صلاة الظهر. ولما خرجت لم أجدها. حاولت البحث في الجوار، وسألت الجيران، ثم ذهبت إلى المخفر وقدّمت بلاغاً، لكن حتى الآن لم أعثر عليها”.
تأثيرات نفسية واجتماعية
وفي بعض الحالات، أدت ظاهرة سرقة الدراجات إلى خلق حالة من فقدان الثقة بين الأهالي وجيرانهم، حيث اشتد التوتر حتى وصل الأمر إلى اتهام بعض الجيران بالسرقة، مما جعل الظاهرة تُستغل كذريعة للاتهامات المتبادلة، ويزيد من حالة الانقسام والتوتر الاجتماعي.
كما أدت سرقة الدراجات النارية إلى حالة من القلق المستمر لدى بعض الأهالي على ممتلكاتهم وأسرهم، إلى جانب شعور عميق بالإحباط واليأس، خاصةً في ظل الظروف المعيشية الصعبة والقاسية التي يواجهونها، ولا سيما العائلات التي تكررت لديها حالات السرقة.
تحويل الدراجات المسروقة
وبحسب عاملين في أسواق بيع وشراء الدراجات النارية، فإن بعض اللصوص يعمدون بعد سرقة الدراجة إلى إجراء تغييرات ظاهرية وداخلية عليها لتصعيب تعرّف أصحابها أو الجهات الأمنية عليها، حيث يتم تغيير لون الدراجة، أو استبدال بعض قطعها، أو حتى تفكيكها وبيعها كقطع غيار. وفي بعض الحالات، تُباع الدراجة كاملة لأشخاص آخرين، قد لا يعلمون أصلها، أو يشترونها بسعر منخفض لعلمهم بمصدرها غير القانوني.
حلول مقترحة وتحديات تطبيقها
اقترح مراقبون ميدانيون عدداً من الحلول لتفادي تعرض الدراجات النارية للسرقة، من بينها: تركيب كاميرات مراقبة في الشوارع الحيوية والأحياء السكنية، وتأمين الدراجات بإغلاقها جيداً، خاصة أثناء الليل، مع ضرورة وضعها داخل المنازل أو في أماكن آمنة قدر الإمكان، والتشديد على ضرورة تبليغ الشرطة في أقرب وقت.
ومع ذلك، يرى بعض الأهالي أن تركيب كاميرات المراقبة ليس خياراً متاحاً للجميع نظراً لتكاليفه المرتفعة، كما أن هذه الكاميرات قد تتعرض هي نفسها للسرقة أو التعطيل، وفي كثير من الحالات، يكون السارق مُلثماً، مما يصعّب التعرف على هويته.
وتُعد سرقة الدراجات النارية واحدة من أصعب المشكلات التي تُواجه العائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود، ما يستدعي البحث عن حلّ جذري لحماية ممتلكات الأهالي، خاصة أن هذه الوسيلة تُعد الأكثر انسجامًا مع ظروفهم المعيشية، وتساعدهم على قضاء احتياجاتهم اليومية.