البائعات المتجولات في سوريا: بين الحاجة الملحة وتحديات العمل

في مشهد بات مألوفاً في العديد من الأحياء السورية، تجوب نساء الشوارع والأحياء السكنية حاملات حقائب مليئة بالبضائع، يطرقن الأبواب ويعرضن سلعاً متنوعة أملاً في بيع ما يمكن أن يوفر لقمة العيش. هي ظاهرة البائعات المتجولات، التي فرضتها ظروف الحرب وما رافقها من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.

بين العمل الضروري والوسائل غير التقليدية

اضطرت العديد من النساء، خاصة في السنوات الأخيرة، إلى دخول سوق العمل بوسائل غير تقليدية. ومع غياب المعيل أو تراجع فرص العمل، شكّلت المهنة المتجولة أحد المسارات القليلة المتاحة أمامهن. وتتنوع خلفياتهن بين أمهات لأطفال، وأرامل، ومطلقات، وحتى شابات لم تسمح لهن الظروف بإكمال تعليمهن.

تُعرف هذه الفئة أيضاً باسم “مندوبات المبيعات”، حيث تعمل بعض النساء لصالح شركات تجارية أو محلات مقابل عمولة أو راتب، في حين تفضّل أخريات العمل بشكل مستقل، بما يعني تحمّل كامل المسؤولية، من تأمين البضاعة إلى الترويج والبيع وتحمل الخسائر إن وقعت.

ما الذي يبعنه؟ ولماذا يُقبل الزبائن عليهن؟

تركز معظم البائعات على مستحضرات التجميل، الإكسسوارات، الملابس، العطور، أدوات المطبخ، ومنتجات التنظيف، وهي سلع مرغوبة في البيوت وغالبًا ما يسهل تسويقها بين النساء. ويلقى هذا النوع من البيع رواجاً بين الزبونات، لكونه يوفر عليهن عناء الخروج إلى الأسواق، خصوصًا في ظل مسؤوليات منزلية متعددة.

لكن النجاح في هذا النوع من العمل لا يعتمد فقط على نوعية البضائع، بل على مهارات شخصية، منها اللباقة، والقدرة على الإقناع، وكسب الثقة. فالكلمة الطيبة تفتح باباً، والابتسامة تصنع بيعة.

تعب يومي ومخاطر متكررة

رغم بساطة الفكرة، إلا أن العمل كبائعة متجولة يتطلب جهداً بدنياً كبيراً، يبدأ صباحاً ولا ينتهي إلا عند المساء. تضطر بعض النساء لحمل حقائب ثقيلة لساعات طويلة، والتنقل بين أحياء قد لا يعرفنها، ويواجهن أحيانًا مواقف غير مريحة، خاصة عندما يُرفض استقبالهن أو يتعرضن لتعليقات جارحة.

الظروف المناخية تزيد من وطأة المهنة، ففي الصيف تعانين من شدة الحر، وفي الشتاء من البرد القارس، دون تعويض أو تأمين صحي. وتبقى احتمالات السرقة والخطر الشخصي حاضرة، خاصة مع غياب أي حماية قانونية أو مهنية لهن.

وصمة اجتماعية رغم الجهد

لا يقتصر التحدي على العمل نفسه، بل يتعداه إلى النظرة المجتمعية. فكثير من النساء تحدثن عن شعورهن بأن بعض أفراد المجتمع ينظر إليهن بدونية، ويتعامل مع عملهن وكأنه “اضطرار لا يُحترم”. ويؤثر هذا على ثقتهن بأنفسهن، ويزيد من عبء الضغوط اليومية.

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.