تصريح يثير العاصفة… “وجه سوريا الدبلوماسي” تحت نيران الانتقادات الشعبية
أثار تصريح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، إبراهيم علبي، موجة استياء واسعة على منصّات التواصل الاجتماعي بعد قوله إن “الدبلوماسية السورية نجحت في دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” للمجيء شخصيًا إلى سوريا”، معتبرًا ذلك “إنجازًا وضغطًا وضع نتنياهو في مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
ورغم أن التصريح قُدم في سياق إبراز “قدرات الدبلوماسية السورية”، إلا أنّه فجّر ردود فعل غاضبة رأى أصحابها أنّ الكلام يعكس انفصالًا كاملًا عن الواقع، خاصة في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقع مختلفة في سوريا، وتدهور الوضع في جنوب البلاد.
غضب شعبي واسع: “ممثل الشعب أم ممثل رواية سياسية؟”
تعليقات كثيرة وصفت تصريحات علبي بأنها “استفزازية” و“غير مسؤولة”، معتبرة أنّ تقديم جولة “نتنياهو” ضمن أراضي احتلتها “إسرائيل” عقب سقوط نظام بشار الأسد كإنجاز وطني، في وقت تتصاعد فيه عمليات القصف الإسرائيلي، هو تناقض لا يمكن تبريره.
أحد المعلقين كتب بمرارة: “كل يوم ثاني تضرب إسرائيل دمشق… وبالأخير منفتخر بأنو قدرنا نجيب نتنياهو لعنا؟! بأي منطق؟”
وسخِر آخرون من وصف علبي بـ“أسد الدبلوماسية”، معتبرين أنه “أسد في التصريحات فقط”، فيما الواقع على الأرض يُظهر ــ بحسبهم ــ عجزًا سياسيًا وعسكريًا عن حماية السيادة السورية.
السياق الأوسع: جنوب سوريا بين القضم الإسرائيلي والصمت الرسمي:
جاءت موجة الانتقادات مترافقة مع حديث السوريين عن اتساع رقعة السيطرة الإسرائيلية في الجنوب، وارتفاع كلفة التوتر الأمني والمعيشي على المدنيين. كثيرون عبّروا عن شعورهم بأنّ البلاد أصبحت “في مزاد سياسي”، حيث يدفع الشعب الثمن بينما تنشغل الخطابات الرسمية بمظاهر الانتصار الإعلامي.
محللون: خطاب للاستهلاك… لا للاعتراف بالتحديات:
يرى مراقبون أن مثل هذه التصريحات تعكس نهجًا متكررًا في تحويل الأحداث إلى روايات انتصار معنوي، في وقت يتطلب فيه الوضع الداخلي والخارجي طرح أسئلة جدية حول:
استمرار الاعتداءات الإسرائيلية بلا ردّ فعّال
وضع الجنوب السوري الميداني
غياب رؤية سياسية واضحةلقد كشف التصريح عن جرح عميق في العلاقة بين الخطاب الرسمي والسوريين، وفتح بابًا واسعًا للانتقاد حول جدوى الدبلوماسية السورية، وقدرتها على حماية المصالح الوطنية، وتقديم قراءة واقعية للتطورات الإقليمية.
جدل واسع حول التعيينات الحكومية في سوريا:
شهدت الساحة السورية خلال الفترة الأخيرة نقاشًا متصاعدًا حول التعيينات الحكومية الجديدة، وسط اتهامات بغياب معايير واضحة لاختيار الشخصيات المكلّفة بالمناصب الحساسة، وتنامي الجدل السياسي حول خلفيات بعض المعيّنين وأدوارهم في المرحلة الانتقالية.
ويرى أكاديميون أن ما بات يُعرف بـ“معركة التعيينات” يعكس غياب رؤية مؤسسية واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، محذّرين من أن القرارات المتسرعة قد تؤدي إلى فتح مزيد من ملفات الجدل بدل أن تسهم في تحقيق الاستقرار داخل مختلف القطاعات.
إبراهيم عُلَبي… سيرة موجزة لمندوب الأمم المتحدة:
أصدر الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في 19 أغسطس/آب 2025 قرارًا بتعيين المحامي السوري إبراهيم عبد الملك عُلَبي سفيرًا مفوضًا فوق العادة ومندوبًا دائمًا للجمهورية العربية السورية لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك.
ويُعدّ العلبي مستشارًا قانونيًا متخصصًا في القانون الدولي، ويحمل إلى جانب الجنسية السورية كلًا من الجنسيتين البريطانية والألمانية. وقد شغل سابقًا منصب مستشار لوزير الخارجية في الحكومة السورية الجديدة، كما عمل مستشارًا لدى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وتولى مهام في نقابة المحامين الدولية، إضافة إلى عضويته في مجلس إدارة المجلس السوري البريطاني.
المولد والنشأة والخبرة:
وُلد إبراهيم عُلَبي في مايو/أيار 1993 بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية. ويشير مراقبون إلى أن العلبي يفتقر إلى الخبرة السياسية الكافية التي تؤهله لتولي منصب دبلوماسي رفيع كمندوب دائم لسوريا في الأمم المتحدة، خصوصًا في مرحلة تتسم بتعقيدات سياسية ودبلوماسية كبيرة.
يلقي الجدل حول التعيينات الحكومية الضوء على التحديات العميقة التي تواجه المرحلة الانتقالية في سوريا، خصوصًا فيما يتعلق بإدارة مؤسسات الدولة واختيار الشخصيات القادرة على بناء توازن بين الخبرة والكفاءة والقبول الوطني. ومن المتوقع أن يستمر هذا النقاش مع كل قرار جديد، في ظل غياب معايير واضحة ومعلنة لعملية التعيين.
إقرأ أيضاً: عام على سقوط نظام الأسد… والعدالة الانتقالية في سوريا ما تزال غائبة: دولة جديدة أم منظومة قديمة بوجه مختلف؟
اقرأ أيضاً:عام ما بعد الأسد يكشف هشاشة الأمن… وأزمتا الساحل والسويداء أبرزها