عام على سقوط الأسد… السوريون بين واقع يزداد قسوة ووعود حكومية
بعد مرور عام على سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، يجد السوريون أنفسهم أمام معادلة معقدة: تغيير سياسي كبير أعاد الأمل إلى الشارع، يقابله واقع معيشي يزداد صعوبة، ووعود حكومية ما زال الكثير منها ينتظر التنفيذ. ورغم أن الحكومة الانتقالية قدمت مجموعة من التعهدات مع بداية تشكيلها، إلا أن جزءاً كبيراً من هذه التعهدات ظل ضمن إطار التصريحات أكثر من كونه خطوات ملموسة.
سنة أولى… إنجازات محدودة مقابل أزمات متراكمة
في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري، يحيي السوريون الذكرى الأولى للإطاحة بالنظام السابق، وسط تقييمات متباينة حول أداء الحكومة خلال العام الماضي. فبينما شهدت البلاد بعض الإجراءات التي لامسها المواطن بشكل محدود، سرعان ما ابتلعها تضخم الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة.
فخلال أشهر قليلة فقط، ارتفع سعر الخبز، وزادت فواتير الكهرباء، وارتفعت أسعار السلع الأساسية بلا ضوابط حقيقية، إلى جانب فرض رسوم جمركية مرتفعة على البالة، ما رفع تكاليف المعيشة على شريحة واسعة من السكان، ولا سيما أصحاب الدخل المحدود.
ورغم زيادة الرواتب الحكومية، إلا أن معظم السوريين رأوا أن ارتفاع الأسعار كان أسرع بكثير من أي تحسن في المداخيل.
السوريون: التحسن لم يتجاوز الجانب المعنوي
فراس الكيلاني، موظف في قطاع خدمي، يقول إن الزيادة الأخيرة على الرواتب كانت خطوة إيجابية لكنها سرعان ما فقدت أثرها. “أكيد الزيادة ساعدتنا بالبداية، بس بعدها الأسعار طلعت بسرعة ما لحّقنا نتنفس… الخبز أغلى، الكهرباء صارت عبء، وكل شي عم يرتفع”، يقول فراس لـ”الحل نت”، مضيفاً أن الناس بانتظار إجراءات “تمسك السوق بإيدها”.
ليلى برهوم، مدرسة من ريف دمشق، ترى أن التغيير السياسي كان أهم ما حدث خلال العام، وأن خروج المعتقلين أعاد إحساساً بالأمل للناس. لكنها تشير في الوقت نفسه إلى أن الوعود كانت أكبر من الإنجاز. “سقوط النظام كان لحظة تاريخية… بس هالسنة أكلنا وعود أكتر ما شفنا نتائج. بالأرياف بالذات حاسين حالنا منسيين”، تقول ليلى.
مشاريع “شكلية” وتجاهل للأولويات
ورغم النشاط الملحوظ في بعض مشاريع البنية التحتية داخل دمشق، يعتقد كثير من السكان أن الأولويات لم تُحدّد كما يجب.
خالد شعبان، يعمل في أحد أحياء المزة، يرى أن ما جرى هو تحسينات موجهة للواجهة أكثر مما هي لخدمة الحياة اليومية:“رمموا طرقات منيحة أساساً، وركبوا إنارة بمناطق مضاءة… بس أزمة النفايات ما حدا عم يشوفها. الناس بدها خدمات أساسية مش ديكور”.
في المقابل، شكا تجّار البالة من أن الرسوم الجمركية الحديثة انعكست سلباً على قدرتهم على تأمين بضائع بأسعار مقبولة، وهي السوق التي اعتمد عليها غالبية السوريين خلال السنوات الماضية.
عابد الحسن، تاجر بالة في البرامكة، يوضح: “كنا مفكرين إنو بعد التغيير رح نتخلص من الجمارك العالية… بس الرسوم الجديدة خنقتنا وخنقت الناس. هالقطاع كان متنفس، واليوم صار عبء إضافي”.
انتظارات الناس أكبر من قدرة الحكومة الحالية
رغم حديث الحكومة عن “مرحلة إعادة ترتيب”، يجد المواطنون أنفسهم أمام موجة غلاء متواصلة وفجوة تتسع بين الدخل وتكاليف المعيشة. وما بين مدينة تسعى إلى تحسين مظهرها، وأرياف ما تزال تشكو نقص الخدمات الأساسية، لا يزال السوريون يأملون أن يحمل العام الثاني خطوات أكثر واقعية.
فمع موظف يحاول الصمود أمام نفقاته اليومية، ومعلمة تنتظر ملمحاً لحياة أفضل، وتاجر يترقب تخفيف العبء لا زيادته، تبرز قناعة مشتركة مفادها أن الوعود وحدها لم تعد تكفي.
ومع دخول سوريا عامها الثاني بعد سقوط الأسد، يبقى السؤال الأكبر: هل يتحول العام الجديد إلى بداية فعلية للتغيير الذي انتظره السوريون طويلاً، أم تبقى الوعود مؤجلة على رفّ الترقب؟
اقرأ أيضاً:العلويون في سوريا: من التهميش إلى محاولات التغيير والمطالبة بالتمثيل