“الراتب يكفي أسبوعاً”.. 12 ألف ليرة للدولار تطحن القوة الشرائية للسوريين

تشهد الأسواق السورية موجة تصاعدية جديدة وحادة في الأسعار، مدفوعة بتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي حاجز الـ 12 ألف ليرة سورية. هذا التدهور الاقتصادي يثير قلقاً عميقاً حول الأسباب الجذرية للصعود المتسارع وانعكاساته المدمرة على معيشة المواطنين، خاصة مع تزايد التحذيرات من خبراء الاقتصاد.

قفزات أسعار يومية وضربة للسلع الأساسية

يُظهر الرصد الميداني حركة أسعار جنونية، حيث تسبّب ارتفاع سعر الصرف في زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة تقارب 5% في غضون أيام قليلة. تشمل الأمثلة ارتفاع سعر ليتر الزيت النباتي من 21 ألفًا إلى 24 ألف ليرة سورية، إلى جانب زيادات طالت السلع الأساسية مثل السكر والأرز والسمن.

تراجع الثقة بالعملة المحلية (الليرة):

تبدل شبه يومي: أكد محمد عبيد، تاجر جملة في منطقة باب سريجة، لصحيفة “الثورة” المحلية أن الأسعار تشهد تبدلاً شبه يومي يتماشى مع التقلبات السريعة لسعر الدولار.

تسعير بالدولار: أشار التاجر إلى ظاهرة خطيرة تتمثل في اعتماد موزعي المواد الغذائية تسعير ديونهم بالعملة الأجنبية، مما يعكس بوضوح انهيار مفهوم الاستقرار وتراجع الثقة بالليرة السورية.

الراتب يتبخر في أسبوع.. والمستهلك يكتفي بالضروريات
في المقابل، تتآكل القوة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق. يقول منذر حمودي، وهو موظف حكومي، إن راتبه “لم يعد يغطي سوى الأسبوع الأول من الشهر”، مما دفع بمعظم العائلات إلى سياسة التقنين الحاد في الحاجات الأساسية.

هذا الواقع الميداني أفرز نتائج سلبية على حركة السوق:

إرباك السوق: أكد تاجر المواد الغذائية، أبو طلال، أن حالة عدم الاستقرار أربكت حركة البيع والشراء، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في حركة السوق.

انتظار سعر الغد: بات بعض الموردين “يتوقفون عن البيع بانتظار معرفة السعر الجديد للدولار”.

انكماش الطلب: يؤكد المراقبون الاقتصاديون أن الارتفاع المتفاقم أحدث حالة من انكماش الطلب الداخلي وتراجعاً في حركة الشراء، يعكس في جوهره تراجع القوة الشرائية وضعف قدرة المواطن على مجاراة التكاليف المعيشية المتزايدة.

تحليل الخبير: توقيت “قاتل” وخطر خروج المشاريع الصغيرة
أوضح الخبير المالي والمصرفي عمر الحاج، في تصريحاته لـ “الثورة”، أن تجاوز سعر الصرف عتبة الـ 12 ألف ليرة سورية يمثل أعلى مستوى له منذ ديسمبر الماضي، مشيراً إلى أن الليرة المحلية فقدت قرابة 30% من قيمتها مقارنة بمنتصف الصيف.

توقيت الارتفاع كارثي:

يرى الحاج أن خطورة الأزمة تكمن في توقيت الارتفاع، بالتزامن مع استعداد المواطنين لموسم الشتاء ونفقات التدفئة الإضافية، ومصاريف المدارس والجامعات، وارتفاع فاتورة الكهرباء الأخيرة التي التهمت أي أثر إيجابي محتمل لزيادة الرواتب.

تحذيرات جذرية:

زيادات الرواتب غير مجدية: شدد الحاج على أن أي زيادات متوقعة في الأجور لن تكون كافية لتعويض الآثار المدمرة للغلاء الطاحن، كما أنها لا تشمل جميع فئات المواطنين.

فقدان الثقة: أكد الخبير أن فقدان الثقة بالعملة المحلية وبالإجراءات الاقتصادية المتخذة هو أبرز ما يواجه السوق حاليًا.

خطر البطالة: حذر من أن استمرار التضخم بهذه الوتيرة قد يؤدي إلى خروج الكثير من المشاريع الصغيرة من الدورة الاقتصادية، مما يهدد بزيادة معدلات البطالة.

واختتم الخبير المالي حديثه بأن الحل لا يكمن فقط في مواجهة سعر الصرف، بل يتطلب ضبطاً شاملاً للأسعار والحفاظ على استقرارها، واستعادة الثقة بالاقتصاد الوطني لضمان الحد الأدنى الضروري من القوة الشرائية للمواطن السوري.

 

اقرأ أيضاً:الليرة السورية الجديدة: بين وعود المركزي ومخاوف تفاقم التضخم

اقرأ أيضاً:تخبط اقتصادي سوري: 3 قرارات تثير الجدل وتستهدف المعيشة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.