أزمة النفايات تتعمق في حلب.. وسط واقع معيشي متدهور
تواصل أحياء مدينة حلب مواجهة أزمة تراكم النفايات، رغم سلسلة من الإجراءات والمبادرات الرسمية التي أعلنت عنها المحافظة. شوارع تضيق بأكوام القمامة، ومعاناة يومية للسكان تقابلها وعود بحلول استراتيجية لم تُترجم بعد إلى واقع ملموس.
في هذا السياق، عقدت محافظة حلب بتاريخ 5 تشرين الثاني، ورشة عمل برئاسة المحافظ عزام الغريب، خُصصت لبحث حلول مستدامة لقطاع النظافة. وأوضحت المحافظة عبر صفحتها الرسمية أن الهدف من الورشة هو تطوير نظام العمل وتحسين جودة الخدمات بشكل دوري، مؤكدة أن الاجتماعات ستُعقد أسبوعياً للوصول إلى حلول جذرية للأزمة.
معاناة يومية في الأحياء
في حي ميسلون، يقول محمد معراتي إن الشوارع الفرعية تتحول بعد عطلة نهاية الأسبوع إلى ممرات ضيقة بين أكوام النفايات، ما يضطر الأهالي إلى تفاديها أثناء قضاء احتياجاتهم اليومية. ويشير إلى أن المشهد ترافقه روائح كريهة وانتشار الحشرات، ما يضاعف المخاطر الصحية على الأطفال وكبار السن.
أما في حي الميدان، يؤكد محمد بلال أن الأزمة مستمرة منذ أشهر دون تغيير يُذكر، بسبب قلة الحاويات وتضرر الموجود منها، ما يدفع بعض السكان إلى حرق القمامة داخل الأحياء. ويضيف أن بعض الشوارع لم تعد صالحة للمرور، خاصة للأطفال والمارة.
وفي حي الأعظمية، قرب مدرسة “عبد الوهاب شواف”، يوضح عبد الله حردان أن تراكم النفايات على الأرصفة والشوارع الضيقة يعطل حركة الطلاب والموظفين، ويحول محيط المدرسة إلى بيئة غير صحية وغير مناسبة للتعلم واللعب. ويشير إلى أن الحملات السابقة لم تُحدث فرقاً حقيقياً، ما خلق حالة من الإحباط لدى السكان.
وفي حي الفردوس، يلفت مصطفى المصطفى إلى أن المبادرات الرسمية لم تُترجم على الأرض، إذ تبقى بعض الشوارع مكتظة بالنفايات لساعات طويلة، ويواجه السكان صعوبة في التخلص من المخلفات المنزلية، وسط تدهور بيئي وخشية من انتشار الأمراض.
تحديات كبيرة وموارد محدودة
مسؤول قطاع النظافة في منطقتي هنانو والنيرب، عبد السلام الراعي، أوضح لعنب بلدي أن ملف النظافة في حلب يواجه عدة عقبات، أبرزها نقص الكفاءات المتخصصة واليد العاملة مقارنة بحجم الاحتياجات اليومية. وأضاف أن قلة الآليات والمعدات المخصصة لجمع القمامة تزيد الضغط على العمال وتبطئ عمليات النقل والتجميع.
ويرى الراعي أن الحلول التقنية وحدها غير كافية، مشدداً على دور الوعي المجتمعي في وضع النفايات بمواقعها المحددة، وفصل القابلة منها لإعادة التدوير، بهدف تحسين إدارة المخلفات وتقليل المخاطر الصحية والبيئية.
كما أكد أن تجاوز الأزمة يتطلب خطة متكاملة تشمل تدريب العمال، وتطوير آليات العمل، وتكثيف حملات التوعية لضمان توازن بين الاحتياجات المتزايدة والموارد المحدودة.
ورشة عمل وخيارات مطروحة
خلال ورشة العمل، شدد المحافظ عزام الغريب على ضرورة اعتماد حلول استراتيجية طويلة الأمد لضمان استدامة الخدمات. واستعرض أبرز التحديات، ومنها نقص الحاويات، تهالك الآليات، وقلة العمال، مؤكداً الحاجة إلى تأمين ضواغط جديدة وتوسيع الكادر البشري.
وتطرقت الورشة كذلك إلى مشكلة اختلاط النفايات الطبية بالمنزلية، وضرورة تنظيم حملات توعية مجتمعية لتعزيز ثقافة النظافة والمواطنة البيئية. كما أُشير إلى أهمية إعداد دراسات دقيقة لاحتياجات كل حي، وتوزيع الموارد وفق معايير علمية واضحة.
المشاركون شددوا على ضرورة منع حرق النفايات، وزيادة عدد الحاويات بما يتناسب مع الكثافة السكانية، وتشجيع إعادة التدوير، إلى جانب تدريب العاملين وتفعيل الفرز من المصدر بالتعاون مع المؤسسات التعليمية.
بين واقع متردٍ يشهده السكان يومياً، وخطط رسمية تبحث عن حلول طويلة الأمد، تبقى أزمة النفايات أحد أبرز التحديات الخدمية في مدينة حلب. ومع استمرار الشكاوى وغياب النتائج الملموسة، يأمل السكان أن تتحول الوعود والاجتماعات إلى خطوات عملية تُعيد للمدينة بيئتها الصحية ومظهرها الحضري.
اقرأ أيضاً:احتجاجات أهالي الكسوة رفضاً لنقل مكب النفايات من باب شرقي إلى المنطقة