مدارس سوريا: أطفال يفترشون الأرض وسط غياب البنية التحتية التعليمية
تداولت صفحات محلية مقطع فيديو صادم من مدرسة في بلدة القورية بريف دير الزور الشرقي، يظهر فيه أطفال يفترشون أرض الصف أثناء تلقيهم الدروس، في ظل غياب كامل للمقاعد الدراسية، باستثناء مقعد واحد يجلس عليه ثلاثة طلاب.
هذا المشهد المؤلم يعكس الواقع المتدهور للتعليم في مناطق عدة من سوريا، لا سيما في دير الزور، ويعيد إلى الواجهة الحاجة الماسة إلى إعادة تأهيل المدارس المدمّرة وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.
ووفقًا لمنصة “صوت المدينة” التي تُعنى بنقل أخبار دير الزور، فإن هذا الواقع ليس استثناءً، بل تكرار لمشاهد مشابهة في مدارس أخرى تعاني من نقص حاد في التجهيزات الأساسية، مثل المقاعد والطاولات، وسط تجاهل مستمر من الجهات المعنية.
مخاوف مع اقتراب الشتاء: البيئة المدرسية تهدد صحة الأطفال:
أعرب ناشطون عن قلقهم البالغ حيال أوضاع الطلاب مع اقتراب فصل الشتاء، حيث تصبح الأرض شديدة البرودة، ما يعرّض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض نتيجة الجلوس الطويل على الأرض في ظروف غير صحية وغير إنسانية.
ورغم إعلان وزارة التربية السورية عن ترميم 531 مدرسة خلال العام الدراسي الحالي، منها 35 فقط في محافظة دير الزور، إلا أن الميدان يظهر فجوة كبيرة بين التصريحات الرسمية والواقع.
مشاهد مشابهة في حلب: نقص المقاعد وتدهور البنية التحتية:
وفي محافظة حلب، تداول ناشطون صوراً من مدرسة في حي “الميسر جزماتي” تظهر أعداداً كبيرة من الطلاب بلا مقاعد نتيجة عدم تناسب عدد الطلاب مع حجم الصفوف والمقاعد المتاحة. كما ظهر مقطع مصور آخر من مدرسة “عبد الحفيظ محفوظ” في حي المرجة يُظهر افتقار المدرسة للمقاعد والتجهيزات، مع غياب شبه تام للكادر التعليمي، حيث لم يُفرز أكثر من 5 معلمين للمدرسة بأكملها.
ولم يقتصر الإهمال على الداخل، بل تحوّل محيط المدرسة إلى مكبّ نفايات، ما يهدد صحة الطلاب وسلامتهم النفسية.
إحصائيات رسمية صادمة: 40% من مدارس سوريا مدمّرة:
تشير بيانات وزارة التربية إلى أن نحو 7,200 مدرسة مدمّرة أو خارجة عن الخدمة من أصل 19,365 مدرسة في عموم سوريا، أي ما يعادل 40% من البنية التعليمية بحاجة إلى ترميم أو إعادة بناء.
خطط حكومية وتحديات تمويل:
في السياق نفسه، أعلن وزير المالية السوري “يسر برنية” أن موازنة سوريا للعام المقبل ستُعطي الأولوية لقطاع التعليم، مع تخصيص إعفاءات ضريبية لدعم ترميم المدارس. ورغم أهمية هذه الخطوة، يؤكد مراقبون أن إعادة إعمار المدارس تتطلب جهوداً أكبر من مجرد تخصيص موازنة، وتشمل دعم المنظمات الدولية والمجتمع المدني ومساهمة رؤوس الأموال المحلية.
أزمة التعليم في سوريا تحتاج تحركاً عاجلاً:
ما تشهده مدارس مثل مدرسة “القورية” في دير الزور و”عبد الحفيظ محفوظ” في حلب، ليس مجرد أزمة مؤقتة، بل انهيار مستمر في قطاع التعليم يهدد مستقبل آلاف الأطفال السوريين. ومع اقتراب الشتاء، تتضاعف الحاجة إلى تحرك حكومي فعّال، ودعم عاجل من المجتمع الدولي، لضمان حق الأطفال السوريين في التعلم في بيئة آمنة وإنسانية.
إقرأ أيضاً: أزمة التعليم تتفاقم: اكتظاظ، أوراق ناقصة، ولباس مدرسي يثقل كاهل العائلات
إقرأ أيضاً: تصاعد الجدل حول المناهج التعليمية في شمال شرق سوريا