السعودية توسّع استثماراتها في سوريا لتعزيز النفوذ
تشهد سوريا تصاعدًا في الاستثمارات السعودية، التي تهدف إلى تعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي للرياض في البلاد، بعد فترة من الغياب النسبي عن الساحة السورية خلال الحرب. وتعكس هذه التحركات بحسب مجلة نيو لاينز الأمريكية نهج القوة الناعمة الذي تتبناه المملكة، والذي يتضمن الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، والإعمار، وقطاع الطاقة، إلى جانب الدعوة لرفع العقوبات وتهيئة بيئة استثمارية ملائمة.
تأتي الاستثمارات السعودية في وقت شهدت فيه سوريا تغييرات سياسية مهمة، منها وصول أحمد الشرع إلى رئاسة الحكومة المؤقتة، وتشكيل حكومة ائتلافية مؤقتة، واعتماد دستور مؤقت، ما مهد الطريق لتعزيز النشاط الاقتصادي وتحريك عجلة الاستثمار. ودفعت هذه التحركات قوى دولية، من بينها الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، إلى رفع معظم العقوبات عن سوريا خلال الربع الثاني من عام 2025، وهو ما شكّل فرصة للرياض لدعم الاقتصاد السوري وإعادة بناء البلاد.
دوافع الرياض الاقتصادية والسياسية
تتعدّد دوافع السعودية للاستثمار في سوريا، وتتجاوز الهدف الاقتصادي المباشر، لتشمل أبعادًا استراتيجية وسياسية، أبرزها الحد من عودة النفوذ الإيراني في سوريا، (بالإضافة إلى تحجيم الوجود التركي في سوريا وتاثيره وخاصة على الساحة السياسية والإقتصادية بالإضافة إلى توسعة نفوذها داخل المجتمع السوري). كما يمثل الاستثمار السعودي وسيلة لترسيخ الاستقرار في سوريا، وتقوية الحكومة المركزية في مواجهة الحالة الفصائلية ما يخلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي واستعادة الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، تعكس الاستثمارات السعودية السابقة والصفقات المبرمة في يوليو الماضي، والتي بلغت قيمتها نحو 6.4 مليار دولار في مجالات العقارات والبنية التحتية والاتصالات، توجه الرياض نحو تعزيز دور القطاع الخاص في إعادة إعمار سوريا. كما تم إنشاء مجلس الأعمال السوري-السعودي لتنسيق الاستثمارات المشتركة، بما يسهم في دعم الاقتصاد السوري وتحقيق فوائد استراتيجية للمملكة.
الفرص والتحديات المستقبلية
تُقدّر تكاليف إعادة إعمار سوريا بعد الحرب بنحو 250-400 مليار دولار، ما يجعل الاستثمارات الأجنبية، ومنها السعودية، ضرورة حيوية لدعم الاقتصاد والحكومة الجديدة. وتشمل الاستثمارات السعودية قطاعات حيوية مثل الإسمنت والخرسانة، والتي ستسهم في توفير فرص عمل وإيرادات للحكومة، مع تخفيض التكلفة الإجمالية لعمليات الإعمار.
إلا أن التحديات قائمة، أبرزها استمرار حالة انعدام الاستقرار في أجزاء واسعة من البلاد، المخاطر الأمنية، واحتمالات تصاعد النزاعات بين الفصائل، إلى جانب أي تدخلات عسكرية خارجية. ومع ذلك، يرى المحللون أن الاستثمارات السعودية ستستمر، نظرًا لتوافق أهداف الحكومة السورية الجديدة مع مصالح الرياض.
التوازن بين النفوذ والمخاطر
يشير الخبراء إلى أن السعودية تتبنى نهجًا استباقيًا في سوريا، متعلمة من تجاربها السابقة في اليمن والعراق، حيث أدت التحفظات السابقة إلى تعقيد الوضع الأمني والاستثماري. ومن المتوقع أن تزيد الرياض استثماراتها في المستقبل، بما يعزز من نفوذها الاستراتيجي، في ظل المنافسة الإقليمية من تركيا وقطر، والسعي لتقوية الحكومة المركزية وتعظيم الاستقرار النسبي في البلاد.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة