رأس المال السوري غائب..من يتحكم في استثمارات سوريا الجديدة؟
شهد المشهد الاستثماري في سوريا الجديدة تحت قيادة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، تهيمنًا واضحًا للاستثمارات الأجنبية على ملف إعادة الإعمار، في حين يغيب رأس المال السوري المغترب رغم التغييرات الكبيرة التي شهدتها البلاد منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
تشير التقديرات إلى أن الاستثمارات السورية في الخارج تصل إلى 80-100 مليار دولار موزعة بين دول الجوار وأوروبا وتركيا ودول الخليج، مع حضور قوي في تركيا التي استقبلت أكثر من 7,500 شركة سورية خلال العقد الماضي. كما يُقدّر حجم الأموال السورية في الإمارات وحدها بحوالي 40 مليار دولار، في حين تبرز استثمارات ملحوظة في مصر ولبنان.
على أرض الواقع السوري، جذبت الحكومة الانتقالية الجديدة تعهدات استثمارية أجنبية بقيمة تزيد على 16 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مع حضور قوي من دول الخليج مثل السعودية وقطر والإمارات، إضافة إلى استثمارات أوروبية منها اتفاقيات مع شركات فرنسية كـCMA CGM. هذه الاستثمارات تتركز في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والموانئ، بينما يظل رأس المال السوري المحلي غائبًا.
رغم منح تراخيص لتأسيس نحو 500 شركة محلية في 2025، فإن استمرار القلق بشأن الاستقرار السياسي والاقتصادي، ووجود العقوبات الغربية التي لا تزال تعرقل التحويلات المالية، تُعد من الأسباب الرئيسية وراء ابتعاد المستثمرين السوريين عن السوق المحلية. كما تعاني البنية التحتية والقطاع المصرفي من هشاشة كبيرة، مما يزيد من صعوبة الاستثمار المحلي.
من جانبه، يرى المحلل السياسي ماجد كيالي أن ضعف الاستثمار المحلي ليس مفاجئًا في ظل تعقيدات الواقع السياسي والأمني، لكنه يؤكد وجود حراك دولي وعربي يسعى لإدماج سوريا في مسار التعافي. ويشير إلى أن الاستثمارات الخليجية تعتبر ضرورية في هذه المرحلة، معتبرًا أن رأس المال السوري لا يمكنه وحده تغطية حاجات إعادة الإعمار.
يضيف كيالي أن جذب رأس المال السوري مرتبط بتحقيق استقرار سياسي وأمني، وتوفير إطار قانوني وشفافية تضمن حقوق المستثمرين، مع إعادة بناء مؤسسات الدولة وإنفاذ القانون. ويؤكد أن التدفقات الخارجية لا تعني بالضرورة تبعية اقتصادية، بل تعكس ميزان القوى الاقتصادية وقدرة التمويل.
في ظل هذه المعطيات، يبقى مستقبل الاستثمار في سوريا رهينًا بتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتوفير بيئة جاذبة تحفز المستثمرين المحليين والخارجيين على حد سواء، لضمان مسار إعادة إعمار مستدام ومتكامل.
اقرأ أيضاً: في قصر الشعب: 14 مليار دولار استثمارات تشمل مترو وأبراج
اقرأ أيضاً: من الحرب إلى الاستثمار.. السعودية تعيد رسم التوازنات في سوريا
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب