حقيقة ترميم باب توما في دمشق: هل يتم طمس الهوية التاريخية؟
أثارت أعمال الترميم الجارية في حي باب توما التاريخي بالعاصمة السورية دمشق موجة انتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن ما يجري هو “طمس للهوية التاريخية” و”تشويه للمعالم الأثرية”، فيما ذهب البعض إلى حد الزعم بأن الحجارة القديمة يتم نقلها إلى مناطق خارج العاصمة.
الادعاءات المتداولة تضمنت اتهامات بإزالة حجارة أثرية يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام، ونقلها إلى محافظة إدلب، وهو ما نفته جهات رسمية وأهلية مشاركة في المشروع، مؤكدة أن الحجارة ستعاد إلى أماكنها بعد انتهاء أعمال الصيانة.
منصة “تأكد”، المتخصصة بالتحقق من المعلومات، صنّفت هذه المزاعم ضمن “نظرية المؤامرة”، مشيرة إلى غياب أي دلائل موثقة تدعم الاتهامات، وأن الترويج لها يأتي في سياق تغذيه الشكوك والتجاذبات السياسية.
وبحسب ما أفاد به المحامي جورج نبيل اصطفان، رئيس اللجنة القانونية والإعلامية في حي باب توما، فإن مشروع الترميم جاء استجابة لمطالب سكان الحي بسبب سوء البنية التحتية وتفاقم مشاكل الصرف الصحي، لاسيما مع تنامي النشاط السياحي في المنطقة. ويشمل المشروع محورين رئيسيين من باب توما باتجاه باب شرقي، ومن الكنيسة المرممة حتى قوس الحي.
مختار الحي، طوني شناعة، شدد بدوره على أن الحجارة المستخدمة في التبليط ليست أثرية، موضحاً أن الحجارة الحالية تعود إلى عشرينات القرن الماضي، حين رصفت الشوارع لأول مرة خلال فترة الانتداب الفرنسي، ثم أعيد استخدامها في أعمال سابقة عام 2007، ويجري حالياً تجميعها وترقيمها لإعادتها إلى مكانها بعد وضع طبقة عزل إسمنتية تحتها.
وشدد شناعة على أن الهدف من العزل هو الحد من تشكل الحفر لاحقاً وضمان سلامة البنية التحتية.
كما أكد مهندس مشارك في المشروع، فضّل عدم ذكر اسمه، أن الترميم يشمل تجديد شبكات المياه والصرف والكهرباء والاتصالات، موضحاً أن جميع هذه الأعمال تتم تحت إشراف مباشر من مديرية الآثار والمتاحف.
بدوره، صرّح مدير عام المديرية، أنس زيدان، بأن الأعمال الجارية تشمل فقط البنية التحتية، ولا تمس المباني الأثرية، وأن المديرية تقوم بترقيم كل بلاطة حجرية لضمان إعادتها إلى مكانها بعد انتهاء الأعمال، لافتاً إلى أن الهدف هو تقديم خدمات أساسية للمجتمع المحلي القاطن في هذه المناطق، دون الإخلال بطابعها التاريخي.
وخلص زيدان إلى أن ما يجري في باب توما يمثل نموذجاً لـ”صيانة مهنية بتنسيق محكم”، مشيراً إلى أن مثل هذه العمليات أصبحت ضرورية في أحياء دمشق القديمة للحفاظ على توازنها بين التاريخ والحياة اليومية.
اقرأ أيضاً: أنباء تعيين زيدان مستشارًا إعلاميًا للرئاسة تثير جدلًا واسعًا