يواجه كثيرون من مرضى الأمراض المزمنة صعوبة في تأمين بعض الأصناف الدوائية، خاصةً بعد إيقاف بعض المعامل والمستودعات توريد الأدوية إلى الصيدليات بالشكل الاعتيادي، بحجة عدم القدرة على الاستمرار في الإنتاج بسبب الخسائر التي يتكبدونها، الأمر الذي أثر مباشرة على المواطنين ممن يضطرون لتناول أدوية معينة بشكل يومي، والانقطاع عنها أو التأخر في تناولها قد تكون لها نتائج أكثر سلبية على صحة المريض، ومنها قد يؤدي إلى الوفاة أو الأزمات الشديدة، لا سيما لدى مرضى الضغط والسكري والتهاب الأعصاب.
وفيما يترك “الصيادلة” بمواجهة المرضى دون حلول، عملت عدة صيدليات مؤخراً على بيع الدواء بالتجزئة، أي تقسم العلبة إلى أكثر من مريض، وهي حل ليس بمثالي، يجبر المرضى أو ذويهم على البحث المستمر لاستكمال الحاجة، وعملية البحث هذه قد لا تكون مضمونة النتائج، على اعتبار أن الانقطاع عام ولا حلول إسعافية حتى تاريخه.
يقول “عيسى” وهو موظف حكومي لـ “داما بوست”.. “ذهبت في الأمس لشراء الدواء إلى والدي (وهو مصاب بمرض السكري) وطلبت من الصيدلاني ثلاثة علب خشية من الانقطاع وخاصة بعد النقص الموجود في بعض الصيدليات، لكن الصيدلاني رفض ذلك وأعطاني علبة واحدة فقط، وقال بأنه لا يعطي أكثر من ذلك لعدم توفره”.
وأضافت الصيدلانية “سهر إبراهيم” في حديثها إلى “داما بوست”.. “انقطع استيراد المواد الأولية الداخلة في تصنيع الأدوية لفترة زمنية، فبدأت الشركات بتلافي هذا الانقطاع من خلال انتاج أصناف جديدة، مما كلفها أضعاف مضاعفة بسعر مبيع لا يناسب هذه الكلفة، وصارت تحتكرها ولا توردها إلى المستودعات”.
وأكدت “إبراهيم”.. “أدوية الضغط والسكر هي أدوية مزمنة ولا يمكن للمريض الاستغناء عنها خلال يومه، لأنها تؤدي إلى مشاكل عديدة منها خربطة الضغط أو عدم انتظام ضربات القلب أو ارتفاع سكر الدم أو ضمور الأعصاب، ونحاول كصيادلة تقسيم الأدوية المتوفرة على المرضى، أو تبديل الدواء في حال انقطاعه إلى صنف متوفر في السوق الدوائية، لكن لا نستطيع تلافي هذا الشيء دوماً، لأن بعض الأطباء لا تقبل بهذا التغيير، وايضاً المريض يرفض التغيير بشكل متكرر، خاصة كبار السن، لأنه يحفظ أدويته من خلال شكلها ولونها”.
مشيرةً إلى أن “الصيدلاني دوماً في الواجهة أمام المريض، أغلبنا يحاول أن يطلب من الشركات عينات مجانية تضم أدوية مزمنة لمساعدة مرضانا، لكن لا تتعاون الشركات بشكل دائم لأنه مكلف، ونرفض أيا احتكار لا من طرف الصيادلة ولا المرضى لذلك نعتذر على اعطاء أكتر من علبتين كرمال لعدم حرمان مريض آخر من دوائه”.
من جهتها تحدثت الطبيبة “ماريا حسن” إلى “داما بوست” عن نتائج عدم تناول الأدوية في أوقاتها أو التخلي والابتعاد عن تناولها.. “لا يوجد بدائل للأدوية، وإيقاف أدوية السكري دون استشارة الطبيب تؤدي لمضاعفات عديدة أهمها، الإصابة بتلف الكلى وفقدان النظر وتلف في الأعصاب الذي يؤدي إلى مشاكل خطيرة، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والجروح والحروق والتي تحدث نتيجة عدم إحساس المريض والتي قد تسبب للمريض عدوى إنتانية، تستوجب بتر بعض الأطراف للوقاية من انتقالها لباقي أنحاء الجسم والحماض الكيتوني السكري الذي يعد أحد أخطر مضاعفات داء السكري بالإضافة إلى غيبوبة السكري وهي اضطراب مهدد للحياة يسبب الإغماء.
وأضافت “حسن”.. “التوقف عن تناول الأدوية المسيطرة على ضغط الدم يعني ارتفاعه بشدة والأمر لا يقف عند صداع أو شعور بفقدان السيطرة “الدوخة” حيث توجد مضاعفات خطيرة لارتفاع ضغط الدم وسمي بالقاتل الصامت لشدة المضاعفات التي يسببها دون الشعور بها ومن هذه المضاعفات، الإصابة بالجلطات القلبية وتمدد الأوعية الدموية وضعفها وتضخم عضلة القلب وقصور وفشل قلبي والعديد من المشاكل الصحية، أما التوقف المفاجئ للأدوية النفسية والعصبية يؤدي لحدوث متلازمة السحب والتي تؤثر سلبا على المريض، وقد تؤدي لعودة المرض بشكل أقوى، وإيقاف الأدوية المضادة للصرع قد يؤدي لعودة النوبات الصرعية بأي وقت وظهور الأعراض الانسحابية”.