طفرة الذكاء الاصطناعي: هل هي المنقذ الأخير أم “فقاعة” الأمل الجديد للاقتصاد العالمي؟

في عالم يئن تحت وطأة التوترات التجارية، وتصاعد الديون، وشبح الركود، تبرز “طفرة الذكاء الاصطناعي” كـ آخر محركات الأمل القادرة على إنقاذ النمو الاقتصادي العالمي المترنح. الاستثمارات التكنولوجية الهائلة في مجال الـ AI لم تعد مجرد ترف، بل تحولت إلى رهان استراتيجي يختبر مرونة الاقتصاد العالمي بأكمله.

لكن السؤال الاستراتيجي الذي يطرحه الخبراء اليوم هو: هل ستنجح هذه الثورة في تعويض ضعف القطاعات التقليدية، أم أنها ستظل قوة محصورة في أيدي عدد قليل من الشركات والدول؟

الذكاء الاصطناعي… سلاح سري ضد التباطؤ!

تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) يؤكد هذه الفرضية. المنظمة تتوقع تباطؤاً في النمو العالمي لعام 2026، خاصة مع دخول الرسوم الجمركية المرتفعة حيز التنفيذ بالكامل. ومع ذلك، هناك ضوء في نهاية النفق: النمو قد يكون أقوى من المتوقع بكثير إذا اتسع نطاق الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.

وقد بدأت هذه الطفرة بالفعل في تحقيق نتائج ملموسة، خصوصاً في الاقتصاد الأمريكي الذي استفاد مباشرة من الإنفاق الضخم على الـ AI خلال عام 2025. وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، ساعد هذا الازدهار في دعم نمو دول تعتمد على تصنيع معدات التكنولوجيا، مثل كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة.

رهان استراتيجي لتجنب الركود:

يصف الخبراء، مثل جو يرق من Cedra Markets، الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بأنه “أحد أهم المحركات الرئيسية للنمو، بل وأحد أبرز العوامل التي تسهم في تجنب الركود الاقتصادي”.

دعم الإنتاجية:

الـ AI يعزز الإنتاجية، يوسع الشركات، ويخلق فرص أعمال جديدة عبر أتمتة العمليات الروتينية وتحليل البيانات الضخمة.

تعويض القطاعات التقليدية:

في الولايات المتحدة، نجح الإنفاق الرأسمالي لعمالقة التكنولوجيا في تعويض ضعف قطاعات تقليدية مثل التصنيع والعقارات، مما أبقى النمو في “النطاق الآمن”.

محرك هيكلي:

يرى خبراء دويتشه بنك أن الذكاء الاصطناعي هو “عامل يغيّر قواعد اللعبة، وسيظل محوراً للنمو الهيكلي في عام 2026”.

تفاؤل مشروط… والحذر واجب!

على الرغم من هذا التفاؤل، يحث الخبراء على التحلي بالواقعية. محمد سعيد من أي دي تي للاستشارات يوضح أن نجاح الـ AI ليس مطلقاً، بل مشروط بمخاطر حقيقية:

التركز الضيق:

الاستثمارات تتركز حالياً في عدد محدود من الشركات الكبرى والقطاعات (مثل تصنيع الرقائق). هذا يخلق “اقتصاداً دائرياً مغلقاً” قد ينفصل عن واقع الاقتصاد الحقيقي.

مفارقة الإنتاجية:

قد تحتاج التقنيات الجديدة إلى سنوات طويلة حتى تتغلغل في مفاصل الاقتصاد بالكامل وتترجم إلى نمو فعلي في الناتج المحلي، كما حدث سابقاً مع اكتشاف الإنترنت والحواسيب.

المخاطر المعاكسة:

منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تحذر من أن ارتفاع الدين الحكومي والاستثمار المفرط ونقص الكهرباء قد يقلل من التوقعات الإيجابية للذكاء الاصطناعي.

في الخلاصة، يمثل الذكاء الاصطناعي حالياً الرافعة الأقوى لتجنب التباطؤ، لكن تظل فعاليته مرهونة باتساع نطاق انتشاره إلى جميع الاقتصادات الكبرى وضمان ترجمة الاستثمارات الضخمة إلى نمو إنتاجي حقيقي وشامل.

إقرأ أيضاً : اليابان تراهن على المستقبل: 1.6 مليار دولار لسباق الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات!

إقرأ أيضاً : حِرَفُ اليد تنجو من قبضة الذكاء الاصطناعي: شباب بريطانيا يتخلون عن المكاتب لمواجهة شبح الأتمتة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.