صدمة الكهرباء في سوريا.. قرار رفع التعرفة يربك العائلات ويهدد المصانع
أثار قرار الحكومة السورية برفع تعرفة الكهرباء المنزلية والصناعية والتجارية موجة غضب واسعة في الشارع، وسط أوضاع اقتصادية متردية وارتفاع تكاليف الحياة. القرار وُصف بـ“الصادم” و“غير المدروس” من قبل مواطنين وصناعيين، فيما تؤكد وزارة الطاقة أنه خطوة ضرورية ضمن مسار “إصلاح دعم الطاقة”.
تفاصيل القرار والأسعار الجديدة
قسّم القرار استهلاك الكهرباء المنزلي إلى شريحتين:
-
حتى 300 كيلوواط بسعر يقارب 600 ليرة سورية للكيلوواط.
-
فوق 300 كيلوواط بسعر يصل إلى 1400 ليرة سورية.
كما تضمنت التعرفة الجديدة:
-
1700 ليرة للكيلوواط للمؤسسات الحكومية.
-
1800 ليرة للكيلوواط للمعامل الكبيرة والقطاع الصناعي الثقيل.
مواطنون: “الراتب بالكاد يكفي الفاتورة”
تقول سلمى مكي، وهي مدرسة: “القرار صادم، رواتبنا لا تكفي سوى لفاتورة الكهرباء والخبز”. وتوضح أن متوسط استهلاك الأسرة يصل إلى 600 كيلوواط، ما يعني فاتورة تقارب 840 ألف ليرة، وهو مبلغ يتجاوز قدرة معظم العائلات التي لا يتعدى دخلها 80 دولارًا شهريًا.
أما المتقاعد أحمد سعيد، فيصف القرار بأنه “مجحف” و“كارثي”، مشيراً إلى أن دخل المتقاعدين لا يصل حتى إلى 100 دولار، وأنهم يعانون من غياب التأمين الصحي، ما يجعل تحمل تكاليف الكهرباء أمراً شبه مستحيل.
الحكومة تبرر: “الإصلاح ضرورة لاستمرار الخدمة”
وزارة الطاقة بررت القرار بأنه نتيجة الخسائر الكبيرة في الشبكة الكهربائية، وأن تسعير الكهرباء وفق التكلفة أصبح ضرورة لضمان استمرار الخدمة. وزير الطاقة محمد البشير قال إن القرار جاء بعد “دراسة شاملة”، معتبراً أن الأسعار الجديدة “تناسب ذوي الدخل المحدود”، وداعياً المواطنين لـ“تحمل جزء من مسؤولية نهضة الوطن”.
الصناعيون: تهديد بالإغلاق وتسريح العمال
لم يقتصر الاعتراض على المواطنين، بل امتد إلى الصناعيين وأصحاب الورش. كمال زيدان، صاحب معمل بلاستيك في عدرا الصناعية، اعتبر أن القرار “مفاجئ وقاسٍ”، مشيراً إلى أن كلفة الكهرباء باتت تمثل نصف تكلفة الإنتاج، ما يهدد بخروج العديد من الورش من السوق وتسريح العمال.
صاحب ورشة نسيج في صحنايا، جورج الحلاق، قال إن الطاقة الشمسية أو الاشتراك في “الأمبيرات” أصبح أوفر من الكهرباء الحكومية، مضيفاً أن القطاع الصناعي بحاجة لتعرفة خاصة ودعم واضح.
غرفة الصناعة: “القرار غير محسوب”
غرفة صناعة دمشق وريفها انتقدت القرار، ووصفه رئيسها محمد أيمن مولوي بـ“غير المحسوب”، مشيراً إلى أن رفع سعر الكيلوواط من 1500 إلى 1700 ليرة يحمّل الصناعة تكلفة إضافية ويضعف قدرتها التنافسية مقارنة بدول الجوار. كما أعلنت شركة “حجار” الصناعية إغلاق مصنعها وتسريح 360 عاملاً نتيجة ارتفاع التكاليف.
خبراء: أزمة أعمق من مجرد رفع أسعار
الخبير الاقتصادي إبراهيم بيطار يرى أن القرار يعكس فجوة متزايدة بين الدخل وتكاليف المعيشة، محذراً من أن تداعياته ستطاول القطاعات الصحية والزراعية والصناعية. ويؤكد ضرورة ربط القرار ببرامج دعم مباشرة للفئات الأكثر تضرراً.
الدكتورة نهلى ديوب تعتبر أن إصلاح قطاع الكهرباء ضروري، لكن يجب أن يترافق مع رفع الرواتب وتحسين الخدمات. وأشارت إلى أن كلفة إنتاج الكيلوواط تقارب 1600 ليرة، بينما تبيعه الدولة بنصف السعر، ما يخلق فجوة مالية تحتاج لمعالجة تدريجية.
رأي آخر: “رفع الدعم لا مفر منه”
في المقابل، يرى الباحث الاقتصادي عمر السيد أن رفع التعرفة خطوة ضرورية لتجنب عجز الدولة، موضحاً أن الكهرباء المدعومة تشجع على الاستهلاك المفرط والهدر في شبكة تعاني أساساً من السرقات وضعف الصيانة. ودعا لتطبيق القرار بشكل تدريجي وتوعية المواطنين بالسبب وراء هذه الخطوة.
قلق شعبي وارتفاع تكاليف المعيشة
جاء قرار رفع أسعار الكهرباء بالتزامن مع زيادة أسعار المحروقات، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل والمواد الأساسية. وتخشى العائلات السورية من فواتير مرتفعة وتراجع ساعات التغذية، في وقت تتزايد فيه المخاوف من اتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق اليومي.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة