ما إن تظهر صورته على الشاشة، حتى تشخص الأعين لوجهه الملثم، وتصغي الأذان لما سيقوله عن مجريات المعارك الضارية، التي يخوضها المقاومون وتصديهم لقوات الاحتلال المتوغلة في قطاع غزة، حتى بات “الملثم أبو الكوفية” صورة المقاومة وصورتها.
الشاب الفلسطيني الذي يرتدي الكوفية الحمراء هو حذيفة سمير الكحلوت الملقب “أبو عبيدة ” المتحدث الإعلامي الرسمي لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وأحد المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي للاغتيال، بسبب عمله في الجناح المسلح، وقيادة الجهاز الإعلامي والحرب النفسية ضد الكيان الإسرائيلي.
الخبير الإستشاري الاجتماعي الأردني، خليل الزيود، قدم قراءة تحليلية لشخصية الناطق باسم “كتائب القسام” أبو عبيدة، الذي أصبح أحد أشهر الشخصيات وأكثرها تأثيرا عربياً وعالمياً.
وقال الزيود في مقابلة متلفزة إن: “أبا عبيدة يرد على ما ينشره الاحتلال، ويسوقه عبر ثلاث صفات، الأولى ملثم لا تعرف تفاصيل وجهه، وهذه مشكلة لدى جميع من يدرسون فنون الإلقاء، لأن من الطبيعي أن تظهر ملامح المؤدي، وتقرأ تفاصيل الإشارات التي يقدمها الوجه”.
ويرى أن الهدف من ذلك، هو “جعل المتلقي يركز على الفكرة، لأنه بهذا الظهور يسحب الاهتمام الشخصي، ويجعل المتلقي أكثر اهتماما بالفكرة المقدمة، فيمنع التشتت ويزيد التركيز لديه، فيجعل للفكرة قيمة أكبر”.
والصفة الثانية حسب زيود، أنه: “لن يسمح لأي شخص أن يقرأ ما يدور في وجهه، وفقط سيركز في عيونه، مما يجعله تلقائيا يركز مع الكلمات التي تقال والمفردات المستخدمة، فيجعل فكرك يدور حول هذه الشخصية وما تقدمه”.
ويتابع، أما الصفة الثالثة: “هي طريقة توصيل الفكرة عن طريق الاختصار والمباشرة، والتركيز على المفردات القليلة، وليس الخطابات الطويلة لما تقدمه من فوائد في سهولة التكرار في خوارزميات الإعلام الكاملة، إضافة إلى تحولها إلى ثقافة لدى المتلقي، مشيراً إلى ان أبو عبيدة يخرج ليتحدث عما فعلته المقاومة، وليس ما تريد فعله وهذه ميزة في الحرب النفسية، الأمر الذي يجعل عدوه تائهاً، ولا يفهم ما الذي يخطط أو تخطط له المقاومة”.
ويختم الخبير الاستشاري الاجتماعي بالقول: إن غموض شخصية “أبو عبيدة” ولباسه يعطي نوعا من “الكاريزما” اللازمة للتأثير، ويمزج في المخاطبة بين المرونة والبأس، بنبرات صوته وهزات يده وطريقة تحريك أصابعه، ويسرد تفاصيل الأحداث والمعلومات العسكرية والسياسية بدقة وفق الأولويات، ودون إطالة وبلا انفعالية زائدة.
ويتابع أبو عبيدة أكثر من 600 ألف شخص من مختلف أنحاء العالم، على حسابه في تطبيق “تليغرام” الذي أنشأه عام 2020، وليس لديه أي حسابات عبر مواقع التواصل الأخرى، وحين يُغرد، فإن أكثر من نصف مليون شخص يقرؤون تغريداته خلال دقائق معدودة.