الطيران الداخلي يغيب عن سماء سوريا.. والطرق البرية طويلة
يغيب الطيران الداخلي عن الأجواء السورية منذ أشهر، في وقت يقتصر فيه التنقل بين المحافظات على الطرق البرية الطويلة والشاقة، بينما تزداد في المقابل الرحلات الدولية من المطارات السورية. ويثير هذا الغياب تساؤلات حول جدوى الاستثمار في النقل الجوي المحلي، وأثره على حياة المواطنين والتنمية الاقتصادية.
أهمية النقل الجوي الداخلي
لم يقتصر دور الطيران الداخلي في سوريا على نقل المسافرين فقط، بل كان يسهم في توفير فرص عمل، وتسهيل شحن البضائع داخليًا وخارجيًا، وتنشيط الحركة الاقتصادية والخدماتية في المحافظات.
وتُعد أبرز خطوط الطيران الداخلي: دمشق – حلب، دمشق – اللاذقية، ودمشق – القامشلي. هذه الخطوط كانت تختصر المسافات بشكل كبير؛ فالمسافة بين دمشق وحلب أو اللاذقية تبلغ نحو 350 كيلومترًا ويحتاج قطعها برًا إلى 4–6 ساعات، بينما تختصرها الطائرة إلى نحو ساعة فقط. أما المسافة الأطول فهي دمشق – القامشلي، بحدود 700 كيلومتر، تحتاج برًا إلى 10–12 ساعة، بينما جواً تُختصر إلى ساعة وربع تقريبًا.
أسطول محدود وخطة للتوسع
مدير الخطوط الجوية السورية، سامح عرابي، أوضح لموقع تلفزيون سوريا أن السبب الرئيسي لتوقف الرحلات الداخلية يعود إلى “عدم كفاية الطائرات”، حيث جرى تخصيص الطائرات المتوفرة حاليًا للرحلات الخارجية.
وكشف عرابي عن خطة لجلب خمس طائرات جديدة، ستتيح إعادة تشغيل الخطوط الداخلية وزيادة عدد الرحلات من مطار حلب. كما أشار إلى إمكانية ربط بعض الرحلات الداخلية بمحطات خارجية، مثل خط دمشق – قامشلي – الكويت.
وأضاف أن الصعوبات التي تواجه القطاع “لوجستية ومالية أكثر منها أمنية”، لافتًا إلى أن هناك جهودًا لإدخال كوادر جديدة إلى مطاري حلب واللاذقية.
وبحسب بيانات “السورية للطيران”، فإن الأسطول الحالي يضم:
-
طائرة AIRBUS A320: متوسطة المدى، تتسع لـ156 راكبًا.
-
طائرة AIRBUS 340: طويلة المدى، بسعة 285 راكبًا.
-
طائرة ATR 72-500: قصيرة المدى، بسعة 66 راكبًا.
-
طائرة شحن IL YUSHIN 76: طويلة المدى.
مواطنون بين الحاجة والرفض
الآراء الشعبية حول جدوى عودة الطيران الداخلي متباينة.
بشار فندو، تاجر مقيم في حلب، يضطر للتنقل إلى دمشق مرة أو مرتين أسبوعيًا. يقول: “النقل البري مرهق ويستنزف الوقت. الخيار الجوي مريح أكثر، لذلك نطالب الحكومة بالسماح لشركات استثمار خاصة بتسيير رحلات يومية بين المحافظات”.
في المقابل، تبدي سيبال العلي تحفظًا على الطيران الداخلي في وضعه الحالي، موضحة: “لا أثق بالطائرات السورية، لا من ناحية السلامة ولا من ناحية الأسعار. التذكرة مرتفعة جدًا مقارنة بالباصات، والأعطال شائعة”. لكنها تضيف: “أتمنى أن يتحسن الوضع وتتوفر خدمات جوية آمنة ومعقولة”.
مطارات بين التشغيل والتوقف
رغم إعادة تشغيل بعض المطارات، إلا أن نشاطها ما يزال محدودًا.
-
مطار دمشق الدولي: أُعيد تشغيله في كانون الأول 2024 برحلة تجريبية إلى حلب، وهو أكبر مطارات البلاد ويبعد 25 كم عن العاصمة.
-
مطار حلب الدولي: استأنف عمله في آذار 2025 بعد ترميمه، وهبطت فيه أول طائرة قادمة من دمشق.
-
مطار اللاذقية الدولي: ما يزال مغلقًا أمام الرحلات المدنية حتى تموز 2025 بسبب ارتباطه بقاعدة حميميم الروسية، رغم تصريحات رسمية عن خطط لإعادة تشغيله.
-
مطار القامشلي الدولي: توقف عن استقبال الرحلات المدنية منذ كانون الأول 2024، واقتصر نشاطه على الاستخدام العسكري. كما رفضت هيئة الطيران السوري أي إعلان صادر عن “الإدارة الذاتية” حول تشغيله.
-
مطار دير الزور: استقبل في شباط الماضي أول رحلة تجريبية منذ 14 عامًا للتأكد من جاهزيته، لكن تشغيله الفعلي ما يزال معلّقًا بسبب التوترات الأمنية في المنطقة.
جهود دولية للتطوير
في شباط 2025، وقعت هيئة الطيران المدني السورية مذكرة تفاهم مع منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) لتحديث البنية التحتية وتعزيز قدرات الطيران المدني. المبادرة تهدف إلى إعادة دمج سوريا في شبكة النقل الجوي العالمية، وتأمين الدعم المالي والتقني اللازم.
كما أشارت الهيئة إلى ارتفاع حركة عبور الطائرات عبر الأجواء السورية في تموز الماضي، حيث بلغ عدد الطائرات العابرة 3893 طائرة، ما يعكس عودة تدريجية لاستخدام المجال الجوي السوري.
اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة