حرائق وجفاف يهددان تربية النحل في سوريا
يواجه مربو النحل في سوريا موسماً قاسياً هذا العام، بعد أن تسببت الحرائق والجفاف في خسائر كبيرة للمناحل، وانخفاض الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة.
في ريف اللاذقية، يقف المربي محمد الحسين أمام خلايا متفحمة بعد أن أتت النيران على الغابات، وفقد معها النحل مصادر الغذاء الطبيعية. يقول في حديث لـ”العربي الجديد”: “كل ما زرعناه طوال العام ذهب في دقائق، والنحل لم يعد يجد ما يطعمه”. المشهد يتكرر في ريف حماة، حيث يروي مؤيد الجابر أن إنتاجيته تراجعت من 20 كيلوغراماً في الخلية الواحدة إلى أربعة كيلوغرامات فقط، بالكاد تكفي لتغذية النحل نفسه، مضيفاً أنه قد يضطر لبيع ما تبقى من خلاياه لتغطية تكاليف الأدوية والمعدات.
أرقام رسمية عن الخسائر
بحسب بيانات وزارة الزراعة السورية، يضم القطاع حوالي 532,545 خلية نحل، بإنتاج سنوي يقترب من 13 ألف طن في الظروف الطبيعية. لكن الموسم الحالي شهد تراجعاً بنحو 15%، مع خسارة ما يقارب 5000 خلية وخروج نحو 300 مربٍ من العمل في محافظة اللاذقية وحدها.
الغابات ملاذ مفقود
المهندس عبد الرحمن قرنفلة، خبير تربية النحل في منظمة أكساد، أوضح أن الغابات السورية تعد بيئة مثالية للنحل البري والمستأنس، وتوفر تنوعاً نباتياً واسعاً، بما في ذلك النباتات الطبية والعطرية التي تنتج أعسالاً مميزة ذات قيمة غذائية وعلاجية. لكنه أشار إلى أن الحرائق الأخيرة في جبال الساحل وحماة ومصياف ألحقت أضراراً كبيرة بالحياة الفطرية وأتلفت عدداً من المناحل، إلى جانب تراجع الموارد الطبيعية بسبب الجفاف والصقيع.
وأضاف أن نحو نصف قفران النحل السوري تضررت، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج إلى 15% من المتوسط المعتاد. كما لفت إلى أن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة ساعدا على انتشار آفات مثل الفاروا والدبور الأحمر، وأضعفا مناعة النحل، فيما ارتفعت تكاليف الإنتاج لتصل إلى نحو 350 ألف ليرة سورية لكل كيلوغرام من العسل، وهو ما سينعكس على الأسعار للمستهلك.
دور اقتصادي وزراعي
من جانبها، أكدت المهندسة إيمان رستم، رئيسة دائرة النحل والحرير في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، أن تربية النحل تشكل مشروعاً ريفياً أساسياً للأسر، إلى جانب منتجاته المتنوعة مثل العسل والشمع والملكات. لكنها شددت على أن القيمة الأوسع للنحل تكمن في دوره في تلقيح المحاصيل الزراعية، حيث تزيد نحلة العسل إنتاجية المحاصيل وتحسن نوعيتها بنسبة تتجاوز 30% وفقاً للتجارب العملية.
رستم أشارت إلى أن العسل السوري يتمتع بجودة عالية على المستوى العالمي بفضل التنوع البيئي، إلا أن ضعف الترويج والتسويق وارتفاع تكاليف الإنتاج أثرا سلباً على تنافسيته. كما أوضحت أن الانعزال خلال السنوات الماضية أدى إلى فقدان جزء من الخبرات وتراجع استخدام الأساليب الحديثة.
خطوات حكومية
ولمواجهة هذه التحديات، أطلقت وزارة الزراعة مشروعاً لإعادة تأصيل النحل السوري، عبر إنتاج ملكات محلية مقاومة وذات إنتاجية جيدة، إلى جانب تقديم الدعم الفني للمربين لمساعدتهم في الحفاظ على مناحلهم والتكيف مع التغيرات المناخية.
اقرأ أيضاً:بسبب الجفاف..إنتاج الفستق الحلبي يتراجع