الذهب السوري يواجه أزمة وجودية أمام اكتساح المستورد التركي والخليجي
رغم تاريخ الذهب السوري العريق وسمعته اللامعة في الأسواق العربية، يشهد هذا القطاع اليوم تراجعاً غير مسبوق، في ظل منافسة شرسة من الذهب التركي والخليجي، وتراجع القدرة الإنتاجية للورش المحلية، إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي الذي يفرض على المواطنين شراء قطع ذهبية بأوزان خفيفة وأسعار محدودة.
الذهب التركي يغزو سوق الصاغة السوري
في سوق الصاغة في دمشق، تتغير المعادلات بسرعة. يقول الصائغ أحمد الخضري إن القطع التركية والخليجية أصبحت تملأ الواجهات، لكونها أقل وزناً وأكثر جاذبية من حيث التصميم. ويضيف أن الذهب المستورد يتمتع بمزايا مثل انخفاض أجور التصنيع، وتوفر تصاميم حديثة، بينما تعاني الورش السورية من غياب الآلات الحديثة، ما يؤثر على جودة التصنيع.
ويؤكد عامر السمان، المدير الإداري في نقابة الصاغة بدمشق وريفها، أن الورش السورية تعمل يدوياً بينما تستخدم المصانع التركية أحدث التقنيات، ما يجعل المنافسة غير متكافئة. وطالب بضرورة السماح باستيراد الآلات الحديثة لتحديث القطاع.
ضعف القوة الشرائية وانخفاض الطلب على الذهب السوري
يشير خبراء السوق إلى تراجع واضح في الطلب على الذهب السوري، مع تحوّل معظم عمليات الشراء إلى الضروريات فقط، مثل خواتم الزواج أو القطع الصغيرة. الصائغ محمد سرور يؤكد لـ “العربي الجديد” أن الذهب السوري لا يزال يُفضّل من حيث العيار (18 و21)، لكنه يخسر أرضه بسبب التصميم والأجرة والسعر.
فجوة بين الإنتاج والطلب
بحسب إحصائيات نقابة الصاغة، يصل حجم مبيعات الذهب في دمشق يومياً إلى 400 كغ، في حين لا تنتج الورش المحلية أكثر من 100 كغ يومياً، مما يُظهر فجوة كبيرة بين العرض والطلب، تعكس عمق الأزمة التي يعيشها هذا القطاع الحرفي.
آلاف الورش السورية تتوقف عن العمل
مع تدفق الذهب التركي إلى السوق السورية، توقفت آلاف الورش عن العمل، لا سيما تلك التي تعتمد على التصنيع اليدوي. يقول الحرفي سمير عبيد إن العديد من الورش لم تعمل منذ أكثر من 5 أشهر بسبب تكدس السوق بالبضائع المستوردة. ويضيف أن قلة من الورش قادرة على الاستمرار بدون آلات حديثة.
فرق سعري صغير وتأثير اقتصادي كارثي
رغم أن الفرق في السعر بين الذهب السوري والتركي لا يتجاوز 3 دولارات للغرام، إلا أن تأثيره كبير. يُقدّر أن صادرات الذهب التركي إلى سوريا ارتفعت بنسبة 45%، ما يعادل نحو 4 ملايين دولار، وفق تصريحات الحرفي جورج حبيس، الذي أكد أن نحو 20 ألف ورشة أغلقت خلال الأشهر الماضية.
دمغ الذهب المُهرّب يشكل ثغرة في السوق
واحدة من أبرز مشكلات السوق السوري هي دمغ الذهب الأجنبي، حتى المهرّب، من قبل نقابة الصاغة، ما يفتح المجال أمام دخول كميات كبيرة من دون رقابة. ويؤكد عدد من الحرفيين أن هذه الآلية ساهمت في تحويل السوق إلى بيئة غير عادلة للمُنتج المحلي.
مطالب بتنظيم الاستيراد وحماية الذهب السوري
يطالب الصاغة بتطبيق تنظيم صارم على استيراد الذهب، عبر إجازات استيراد رسمية وتحديد الكميات، وفرض رسوم جمركية على الذهب المستورد، بما يضمن حماية الورش المحلية. كما دعا الحرفي حسام داود إلى المساواة بين المنتج المحلي والمستورد في الضرائب والشروط، حتى يتمكن قطاع الذهب السوري من التعافي.
إقرأ أيضاً: نمو صادرات المجوهرات بين سوريا وتركيا.. ملايين الدولارات في 6 أشهر
إقرأ أيضاً: الصناعة السورية تحت ضغط المنتجات المهربة: نداء حلب لإنقاذ معاملها